للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ رَكِبَ، أَوْ ذَبَحَ

ــ

[منح الجليل]

سَبَبِ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ مَوْتُ الْمَغْصُوبِ بِحَقِّ قِصَاصٍ أَوْ حِرَابَةٍ كَمَوْتِهِ.

(أَوْ رَكِبَ) الْغَاصِبُ الدَّابَّةَ الْمَغْصُوبَةَ فَهَلَكَتْ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا يَوْمَ غَصْبِهَا، وَهَذَا عُلِمَ مِنْ سَابِقِهِ بِالْأَوْلَى. ابْنُ شَاسٍ مِنْ مُوجَبِ الضَّمَانِ إثْبَاتُ الْيَدِ فِي الْمَنْقُولِ بِالنَّقْلِ إلَّا فِي الدَّابَّةِ فَيَكْفِي فِيهَا الرُّكُوبُ وَيَثْبُتُ الْغَصْبُ فِي الْعَقَارِ بِالدُّخُولِ وَإِزْعَاجِ الْمَالِكِ وَبِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْهُ (أَوْ ذَبَحَ) الْغَاصِبُ الْحَيَوَانَ الْمَغْصُوبَ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ إنْ شَاءَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ مَذْبُوحًا وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَهُ. تت فِي قَوْلِهِ أَوْ رَكِبَ أَوْ ذَبَحَ إشْكَالٌ لِأَنَّهُ مُضَمَّنٌ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ.

ابْنُ عَرَفَةَ الْجَلَّابُ مَنْ غَصَبَ شَاةً وَذَبَحَهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا وَكَانَ لَهُ أَكْلُهَا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ لِرَبِّهَا أَخْذُهَا وَمَا بَيْنَ قِيمَتِهَا مَذْبُوحَةً وَحَيَّةً، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّ ذَبْحَهَا فَوْتٌ يُوجِبُ قِيمَتَهَا لَمْ أَعْرِفْهُ فِي الذَّبْحِ نَصًّا، بَلْ تَخْرِيجًا مِمَّا حَكَاهُ الْمَازِرِيُّ فِي طَحْنِ الْقَمْحِ، ثُمَّ قَالَ قَوْلُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّ رَبَّهَا مُخَيَّرٌ، هَذَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَسْمِ الصُّبْرَةِ، وَقَبِلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا وَلَا ذَكَرَ فِي أَنَّ لِرَبِّهَا أَخْذَهَا مَذْبُوحَةً خِلَافًا.

طفي لَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَهُ كَأَنْ مَاتَ إلَخْ مِثَالٌ لِلْمُفَوِّتِ الَّذِي يُوجِبُ الضَّمَانَ عِنْدَهُ لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ، وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِمُفَوِّتٍ، فَقَوْلُهُ أَوْ رَكِبَ دَابَّةً إنْ عَنَى بِهِ مُجَرَّدَ الرُّكُوبِ فَقَدْ أَوْقَعَهُ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ مَعَ مُنَاقَضَتِهِ لِقَوْلِهِ وَضَمِنَهُ بِالِاسْتِيلَاءِ، وَعَلَى هَذَا يَأْتِي إشْكَالُ تت، وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ.

وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَائِلًا مَا حَكَاهُ مِنْ أَنَّ ذَبْحَهَا مُفِيتٌ يُوجِبُ قِيمَتَهَا لَمْ أَعْرِفْهُ نَصًّا، فَقَوْلُ تت فِيهِمَا إشْكَالٌ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا إشْكَالَ فِي هَذِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْأُولَى عَلَى وَجْهٍ كَمَا سَبَقَ، وَإِنَّمَا الْإِشْكَالُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ إنْكَارِ ابْنِ عَرَفَةَ لَا مِمَّا قَالَهُ، فَقَوْلُهُ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ، ثُمَّ إنْ جَمْعًا مِنْ شَارِحِيهِ قَرَّرُوهُ عَلَى أَنَّهُ فِي الذَّبْحِ بِالْخِيَارِ فِي أَخْذِهَا مَذْبُوحَةً، وَمَا نَقَصَهَا الذَّبْحُ أَوْ إلْزَامِهِ قِيمَتَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>