كَأَنْ مَاتَ، أَوْ قُتِلَ عَبْدٌ قِصَاصًا،
ــ
[منح الجليل]
وَقِيلَ مَا أَصَابَ مِنْ الْأَمْوَالِ فِي مَالِهِ وَمَا أَصَابَ مِنْ الدِّمَاءِ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ إنْ بَلَغَ الثُّلُثَ، وَحُكْمُ هَذَا حُكْمُ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ. اهـ. وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا فِي الْبَيَانِ، لِأَنَّ الْمَعْنَى وَحُكْمُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ حُكْمُ الْمَجْنُونِ فِي جَرَيَانِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ، وَاخْتِصَارُ ابْنِ شَاسٍ لَا يَأْبَى هَذَا التَّأْوِيلَ لِأَنَّهُ نَقَلَ مَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ عَلَى تَرْتِيبِهِ، وَخَتَمَهُ بِقَوْلِهِ كَالْمَجْنُونِ فَلَا يَمْتَنِعُ انْطِبَاقُ هَذَا التَّشْبِيهِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ كُلِّهَا حَتَّى يَرْجِعُ لِمَا فِي الْبَيَانِ.
وَلَمَّا فَهِمَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ التَّشْبِيهَ قَاصِرٌ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يَلِيهِ وَقَدَّمَ وَأَخَّرَ تَحَوَّلَ الْمَعْنَى فَلْيَتَأَمَّلْهُ مَنْ فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَالتَّحْقِيقِ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ طفي إلَّا أَنَّهُ يُعَكِّرُ عَلَى " غ " أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي اخْتِلَافِ الطَّرِيقِ يَكُونُ مَوْضُوعُهُ وَاحِدًا وَتَخْتَلِفُ الطُّرُقُ فِيهِ، وَالْمَوْضُوعُ هُنَا مُتَعَدِّدٌ، إذْ مِنْهُمْ مَنْ حَكَى الْخِلَافَ فِي السِّنِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَكَاهُ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَمَنْ حَكَاهُ فِي مَحِلٍّ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْمَحِلِّ الْآخَرِ عَلَى أَنَّ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يُعَدُّ طَرِيقَةً لِرَدِّهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فَظَهَرَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (مَاتَ) عَبْدٌ مَغْصُوبٌ بِيَدِ غَاصِبِهِ سَاعَةَ غَصْبِهِ فَيَضْمَنُهُ غَاصِبُهُ (أَوْ قُتِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (عَبْدٌ) تَنَازَعَ فِيهِ مَاتَ وَقُتِلَ قِصَاصًا فِي قَتِيلِهِ عَمْدًا بَعْدَ غَصْبِهِ فَيَضْمَنُهُ غَاصِبُهُ.
طفي كَذَا قَرَّرَ ابْنُ فَرْحُونٍ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَوْ جَنَى قَبْلَ غَصْبِهِ وَقُتِلَ قِصَاصًا بَعْدَهُ فَلَا وَجْهَ لِضَمَانِهِ الْغَاصِبَ، فَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ جَنَى الْعَبْدُ قَبْلَ غَصْبِهِ جِنَايَةً وَبَعْدَهُ أُخْرَى عَلَى رَجُلَيْنِ فَقَالَ أَشْهَبُ يُخَيَّرُ رَبُّهُ، فَإِنْ أَسْلَمَهُ لَهُمَا تَبِعَ الْغَاصِبَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ بِالْأَرْشَيْنِ وَتَبِعَ غَاصِبَهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ أَرْشِ الثَّانِيَةِ وَنِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ. اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجِنَايَةَ السَّابِقَةَ عَلَى غَصْبِهِ لَا يَضْمَنُهَا الْغَاصِبُ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَا مَاتَ مِنْ الْحَيَوَانِ أَوْ انْهَدَمَ مِنْ الرَّبْعِ بِيَدِ غَاصِبِهِ بِقُرْبِ غَصْبِهِ أَوْ بِغَيْرِ قُرْبِهِ بِغَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute