كَأَنْ أَخَذَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مَالًا لِيَأْخُذَ وَيَرْبَحَ، ثُمَّ لَا يَأْخُذَ لَهُ، أَوْ بَاعَ قَبْلَ أَخْذِهِ
ــ
[منح الجليل]
آخَرَ. وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (أَخَذَ) مُسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ (مِنْ) شَخْصٍ (أَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ مُسْتَحِقٍّ لِلشُّفْعَةِ (مَالًا لِيَأْخُذَ) الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ وَيَبِيعُ مَا يَأْخُذُهُ لِمَنْ دَفَعَ لَهُ الْمَالَ (وَيَرْبَحُ) الشَّفِيعُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَعَ أَخْذِهِ مِنْهُ الثَّمَنَ بِكَمَالِهِ (ثُمَّ) إذَا وَقَعَ ذَلِكَ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ فَ (لَا أَخْذَ لَهُ) بَعْدَ ذَلِكَ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَالًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ، وَلَيْسَ غَرَضُ الْأَجْنَبِيِّ فِي دَفْعِ الْمَالِ لِلشَّفِيعِ إلَّا ضَرَرُ الْمُشْتَرِي، وَيَرْبَحُ الشَّفِيعُ الْمَالَ. وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ مُحْتَمِلَةٌ لَهُمَا أَيْضًا أَفَادَهُ " ق ". فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمَنْ وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةٌ فَأَتَاهُ أَجْنَبِيٌّ فَقَالَ خُذْهَا بِشُفْعَتِك وَلَك مِائَةُ دِينَارٍ وَأُرَبِّحُك فِيهَا فَلَا يَجُوزُ. وَيُرَدُّ إنْ وَقَعَ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِشُفْعَتِهِ لِغَيْرِهِ اهـ.
وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ مَنْ بَاعَ حَظَّهُ وَشَرِيكُهُ مُفْلِسٌ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ اشْفَعْ وَأُرَبِّحُك فَأَخَذَ وَأَرْبَحَهُ، فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ لَا بِإِقْرَارِ الشَّفِيعِ رَدَّ الشِّقْصَ لِمُبْتَاعِهِ. ابْنُ سَهْلٍ فَإِنْ أَرَادَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ لِنَفْسِهِ بَعْدَ فَسْخٍ أَخَذَهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. طفي الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ، وَعَلَيْهِ يَتَرَتَّبُ قَوْلُهُ ثُمَّ لَا أَخْذَ لَهُ، إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ ابْنِ سَهْلٍ. وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي يَحْتَاجُ لِلتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ الْمُدَوَّنَةُ مُحْتَمِلَةً لَهُ، وَيَحْتَاجُ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّهُ لَا أَخْذَ لَهُ فِيهِ اهـ. الْمِسْنَاوِيُّ الظَّاهِرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهُ لَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ فَلَا يَأْتِي فِيهِ قَوْلُهُ ثُمَّ لَا أَخْذَ لَهُ.
وَعَطَفَ عَلَى أَخَذَ فَقَالَ (أَوْ بَاعَ) الشَّفِيعُ الشِّقْصَ لِأَجْنَبِيٍّ (قَبْلَ أَخْذِهِ) بِالشُّفْعَةِ فَقَدْ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ فَلَا يَأْخُذُ بِهَا بَعْدَ بَيْعِهِ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ الشِّقْصَ قَبْلَ أَخْذِهِ إيَّاهُ بِالشُّفْعَةِ، لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَك، وَهَذَا بِخِلَافِ تَسْلِيمِهَا لِلْمُشْتَرِي عَلَى مَالٍ يَأْخُذُ مِنْهُ فَذَلِكَ لَهُ جَائِزٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ مِنْهُ شِقْصًا إنَّمَا بَاعَ مِنْهُ حَقًّا وَجَبَ لَهُ. ابْنُ يُونُسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute