. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
مَشْرُوعِيَّتِهِ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ فَرُبَّ ذِي مَالٍ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى التَّجْرِ بِهِ، وَرُبَّ قَادِرٍ عَلَى التَّجْرِ لَا مَالَ لَهُ فَهُوَ مِنْ
الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ
. فِي الْمُقَدِّمَاتِ كَانَ الْقِرَاضُ مَعْرُوفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأُقِرَّ فِي الْإِسْلَامِ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَدْعُو إلَيْهِ لِاحْتِيَاجِ النَّاسِ إلَى التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَتَنْمِيَتِهَا بِالتَّجْرِ فِيهَا، وَلَيْسَ كُلٌّ يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ فَيَضْطَرُّ إلَى الِاسْتِنَابَةِ عَلَيْهِ وَلَعَلَّهُ لَا يَجِدُ مَنْ يَعْمَلُ لَهُ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لِجَرَيَانِ عَادَةِ النَّاسِ بِالْقِرَاضِ فَرُخِّصَ فِيهِ لِهَذِهِ الضَّرُورَةِ، وَاسْتُخْرِجَ بِسَبَبِ هَذِهِ الْعِلَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ الْمَجْهُولَةِ عَلَى نَحْوِ مَا أَرْخَصَ فِي الْمُسَاقَاةِ وَشِرَاءِ الْعَرَبَةِ بِخَرْصِهَا وَالشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ وَالتَّوْلِيَةِ فِيهِ. اهـ.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: ابْنُ رُشْدٍ الْقِرَاضُ جَائِزٌ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَكَذَلِكَ النُّقْرُ وَالْإِتْبَارُ، أَعْنِي الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَجْرِي فِيهِ ذَلِكَ وَلَا يُتَعَامَلُ فِيهِ بِالْمَسْكُوكِ. اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ الْقِرَاضُ بِالْبَقَرِ بِالْبَلَدِ الَّذِي يَتَبَايَعُونَ بِهَا فِيهِ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ. أَبُو عُمَرَ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - جَوَازَ الْقِرَاضِ بِنَقْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، قَالَ لِأَنَّ النَّاسَ تَقَارَضُوا قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ. وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - سَهَّلَ فِي ذَلِكَ، وَأَجَازَهُ وَلَمْ يُجِزْهُ بِالْمَصُوغِ. وَرُوِيَ عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ الْكَرَاهَةُ زَادَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَإِنْ نَزَلَ فَلَا يُفْسَخُ.
الثَّانِي: الْحَطّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ مَضْرُوبٍ أَنَّهُ يَجُوزُ الْقِرَاضُ بِهِ كَانَ التَّعَامُلُ بِهِ أَوْ بِالتِّبْرِ دُونَهُ بِأَنْ فُرِضَ أَنَّ الْمَضْرُوبَ لَا يُتَعَامَلُ بِهِ وَيُتَعَامَلُ بِالتِّبْرِ كَمَا فِي غَالِبِ بِلَادِ السُّودَانِ عَلَى مَا قِيلَ وَقَدْ نَقَلَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ عَنْ التَّنْبِيهَاتِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ بِهِ حِينَئِذٍ وَلَعَلَّهُ فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِهِ، فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ لَا فِي التَّنْبِيهَاتِ وَلَا فِي غَيْرِهَا عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ قَالَ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ جَائِزٌ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ غَيْرُ جَائِزٍ بِالْعُرُوضِ مَا كَانَتْ.
الثَّالِثُ: فِي التَّنْبِيهَاتِ اُخْتُلِفَ فِي الشُّرُوطِ الَّتِي يَصِحُّ الْقِرَاضُ بِهَا فَعِنْدَنَا شُرُوطُهُ عَشَرَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute