للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

نَقْدُ رَأْسِ الْمَالِ لِلْعَامِلِ، وَكَوْنُهُ مَعْلُومًا، وَكَوْنُهُ غَيْرَ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ، وَكَوْنُهُ بِمَا يُتَابَعُ أَهْلُ الْبَلَدِ مِنْ الْعَيْنِ مَسْكُوكًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَسْكُوكٍ، وَمَعْرِفَةُ الْجُزْءِ الَّذِي تَقَارَضَا عَلَيْهِ مِنْ رِبْحِهِ، وَكَوْنُهُ مُشَاعًا لَا مُقَدَّرًا بِعَدَدٍ وَلَا تَقْدِيرٍ، وَأَنْ لَا يَخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ سِوَاهُ إلَّا مَا يَضْطَرُّ إلَيْهِ الْعَامِلُ مِنْ نَفَقَةٍ وَمُؤْنَةٍ فِي السَّفَرِ وَاخْتِصَاصُ الْعَامِلِ بِالْعَمَلِ، وَأَنْ لَا يُضَيَّقَ عَلَيْهِ بِتَحْجِيرٍ أَوْ بِتَخْصِيصٍ يَضُرُّ بِالْعَامِلِ، وَأَنْ لَا يُضْرَبَ لَهُ أَجَلٌ اهـ. قَوْلُهُ وَكَوْنُهُ مِمَّا يُتَابَعُ بِهِ إلَخْ رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ لَا تَقْدِيرَ فَسَّرَهُ ابْنُ شَاسٍ بِأَنَّهُ مِثْلُ مَا قَارَضَ بِهِ فُلَانٌ، ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي فَإِنْ تَوَفَّرَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ جَازَ الْقِرَاضُ وَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْهَا فَسَدَ. اهـ.

الرَّابِعُ: أَوَّلُ قِرَاضٍ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ قِرَاضُ يَعْقُوبَ مَوْلَى الْحَرِقَةِ مَعَ عُثْمَانَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بَعَثَ مَنْ يُقِيمُ مِنْ السُّوقِ مَنْ لَيْسَ بِفَقِيهٍ فَأُقِيمَ يَعْقُوبُ فِيمَنْ أُقِيمَ، فَجَاءَ إلَى عُثْمَانَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فَأَخْبَرَهُ فَأَعْطَاهُ مِزْوَدَ تِبْرٍ قِرَاضًا عَلَى النِّصْفِ، وَقَالَ لَهُ إنْ جَاءَك مَنْ يَعْرِضُ لَك فَقُلْ لَهُ الْمَالُ لِعُثْمَانَ فَقَالَ ذَلِكَ فَلَمْ يَقُمْ، فَجَاءَ بِمِزْوَدَيْنِ مِزْوَدٌ رَأْسُ الْمَالِ وَمِزْوَدٌ رِبْحٌ، وَيُقَالُ أَوَّلُ قِرَاضٍ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ قِرَاضُ عَبْدِ اللَّهِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ ابْنَيْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " خَرَجَا فِي جَيْشٍ إلَى الْعِرَاقِ فَلَمَّا قَفَلَا مَرَّا عَلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَهُوَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ فَرَحَّبَ بِهِمَا وَسَهَّلَ، ثُمَّ قَالَ لَوْ أَقْدِرُ لَكُمَا عَلَى أَمْرٍ أَنْفَعُكُمَا لَفَعَلْت، ثُمَّ قَالَ هَاهُنَا مَالٌ مِنْ مَالِ اللَّهِ أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ بِهِ إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأُسَلِّفُكُمَاهُ فَتَبْتَاعَانِ بِهِ مَتَاعًا مِنْ مَتَاعِ الْعِرَاقِ ثُمَّ تَبِيعَانِهِ بِالْمَدِينَةِ فَتَأْوِيَانِ رَأْسَ الْمَالِ إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَكُونُ رِبْحُ الْمَالِ لَكُمَا فَقَالَا وَدِدْنَا، فَفَعَلَ، وَكَتَبَ إلَى عُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا الْمَالَ فَلَمَّا قَدِمَا الْمَدِينَةَ بَاعَا فَرَبِحَا وَدَفَعَا رَأْسَ الْمَالِ لِعُمَرَ، قَالَ أَكُلُّ الْجَيْشِ أَسْلَفَهُ مِثْلَ الَّذِي أَسْلَفَكُمَا فَقَالَا لَا فَقَالَ عُمَرُ ابْنَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَسْلَفَكُمَا أَدِّيَا رِبْحَ الْمَالِ فَسَكَتَ عَبْدُ اللَّهِ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ مَا يَنْبَغِي لَك هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ هَلَكَ الْمَالُ أَوْ نَقَصَ لَضَمِنَّاهُ، فَقَالَ أَدِّيَاهُ فَسَكَتَ عَبْدُ اللَّهِ أَيْضًا وَرَاجَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ رَجُلٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ جَعَلْته قِرَاضًا، فَقَالَ عُمَرُ قَدْ جَعَلْتُهُ قِرَاضًا فَأَخَذَ نِصْفَ الرِّبْحِ وَتَرَكَ لَهُمَا نِصْفَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>