للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَأَنْ زَرَعَ أَوْ سَاقَى بِمَوْضِعِ جَوْرٍ لَهُ

أَوْ حَرَّكَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَيْنًا

ــ

[منح الجليل]

مِنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ مَعَ مَشْيَخَةٍ سِوَاهُمْ مِنْ نُظَرَائِهِمْ أَهْلِ فِقْهٍ وَفَضْلٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى عَامِلِهِ أَنْ لَا يَنْزِلَ بِهِ بَطْنَ وَادٍ وَلَا يَسِيرَ بِهِ بِلَيْلٍ وَلَا يَحْمِلَهُ فِي بَحْرٍ وَلَا يَبْتَاعَ بِهِ سِلْعَةَ كَذَا فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ الْمَالَ.

وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ (كَأَنْ زَرَعَ) الْعَامِلُ (أَوْ سَاقَى) أَيْ جَعَلَ الْعَامِلُ نَفْسَهُ عَامِلَ مُسَاقَاةٍ لِشَجَرٍ أَوْ زَرْعٍ بِجُزْءٍ مِنْ ثَمَرِهِ وَصَرَفَ مَالِ الْقِرَاضِ فِيمَا يَلْزَمُهُ وَتَنَازَعَ زَرَعَ وَسَاقَى (بِمَوْضِعِ جَوْرٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ فَرَاءٌ، أَيْ ظُلْمٍ بِالنِّسْبَةِ (لَهُ) أَيْ الْعَامِلِ سَوَاءٌ كَانَ مَوْضِعَ جَوْرٍ لِغَيْرِهِ أَيْضًا أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْضِعَ جَوْرٍ لَهُ لِوَجَاهَتِهِ وَبَسْطِ يَدِهِ بِهِ فَلَا يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ مَوْضِعَ جَوْرٍ لِغَيْرِهِ فِيهَا إنْ خَاطَرَ بِالزَّرْعِ فِي مَوْضِعِ ظُلْمٍ ضَمِنَ. الْحَطّ يَعْنِي إذَا زَرَعَ الْعَامِلُ أَوْ سَاقَى بِمَوْضِعِ جَوْرٍ وَظُلْمٍ لَهُ أَيْ لِلْعَامِلِ أَيْ فِي مَوْضِعٍ يَرَى أَنَّهُ يُظْلَمُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لَهُ مِمَّا إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ فِيهِ ظُلْمٌ أَوْ جَوْرٌ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّهُ هُوَ لَا يُظْلَمُ لِوَجَاهَتِهِ وَنَحْوِهَا، وَأَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ وَيُسَاقِيَ مَا لَمْ يَكُنْ مَوْضِعَ ظُلْمٍ فَيَضْمَنُ.

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ كَوْنِ الْمَوْضِعِ مَوْضِعَ ظُلْمٍ يَضْمَنُ، وَفِيهَا إنْ خَاطَرَ بِهِ فِي مَوْضِعِ ظُلْمٍ أَوْ غَرَرٍ فَهُوَ ضَامِنٌ فَزَادَ الْمُخَاطَرَةَ، وَقَدْ يَكُونُ الْمَوْضِعُ مَوْضِعَ ظُلْمٍ وَلَا يُعَدُّ الزَّارِعُ فِيهِ مُخَاطِرًا لِوَجَاهَتِهِ بِهِ وَنَحْوِهَا، وَإِذَا ضَمِنَ لِمُخَاطَرَتِهِ بِزَرْعِهِ فِي مَوْضِعِ ظُلْمٍ لَهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْخَسَارَةِ مِنْ سَبَبِ الزَّرْعِ أَوْ مِنْ سَبَبِ الظُّلْمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لِتَعَدِّيهِ فِي أَصْلِ فِعْلِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(أَوْ حَرَّكَهُ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ اتَّجِرْ لِلْعَامِلِ بِالْمَالِ (بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ رَبِّ الْمَالِ وَانْتِقَالِهِ لِوَرَثَتِهِ حَالَ كَوْنِ الْأَوَّلِ (عَيْنًا) أَيْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ بِلَا إذْنٍ مِنْهُمْ لِانْحِلَالِ الْقِرَاضِ بِمَوْتِ رَبِّهِ وَهُوَ عَيْنٌ وَوُجُوبُ رَدِّهِ لِلْوَرَثَةِ أَوْ إذْنُهُمْ لَهُ فِي الْعَمَلِ بِهِ. وَمَفْهُومُ عَيْنًا أَنَّهُ إنْ كَانَ عَرْضًا فَلَا يَضْمَنُهُ بِتَحْرِيكِهِ، وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ مَنْعُهُ مِنْهُ وَهُمْ فِي ذَلِكَ كَمُوَرِّثِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>