وَلِكُلٍّ: فَسْخُهُ قَبْلَ عَمَلِهِ: كَرَبِّهِ، وَإِنْ تَزَوَّدَ لِسَفَرٍ وَلَمْ يَظْعَنْ،
ــ
[منح الجليل]
وَحَمَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُ لِنَفْسِهِ سَلَفًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ وَإِنْ زَعَمَ ذَلِكَ، وَلِذَا قَالَ لَا تُبَاعُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إرَادَتِهِ بِبَيْعِ أُمِّ وَلَدِهِ. وَأَمَّا إنْ عُلِمَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ بِمَالِ سَلَفٍ مِنْ الْقِرَاضِ فَلَا تُبَاعُ، وَيُتْبَعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا يَخْتَلِفُ إنْ اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ عَلَى ذَلِكَ يَوْمَ وَطْئِهَا فَحَمَلَتْ، وَلَا مَالَ لَهُ فِي أَنَّهَا تُبَاعُ فِيمَا لَزِمَهُ مِنْ قِيمَتِهَا. اهـ.
(وَلِكُلٍّ) مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَلِلْعَامِلِ (فَسْخُهُ) أَيْ الْقِرَاضِ (قَبْلَ) الشُّرُوعِ فِي (عَمَلِهِ) أَيْ الْقِرَاضِ عَلَى الْمَعْرُوفِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ الْحَطّ نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ رَدُّهُ وَالرُّجُوعُ عَنْهُ وَإِذَا كَانَ الْعَقْدُ غَيْرَ لَازِمٍ، فَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْفَسْخُ إلَّا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ، وَشَبَّهَ فِي التَّمْكِينِ مِنْ الْفَسْخِ فَقَالَ (كَرَبِّهِ) أَيْ الْقِرَاضِ فَلَهُ فَسْخُهُ (إنْ تَزَوَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ اشْتَرَى الْعَامِلُ الزَّادَ لِلسَّفَرِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ. " غ " كَذَا كَتَبَهُ بَعْضُهُمْ بِإِسْقَاطِ وَاوِ النِّكَايَةِ لِئَلَّا يَكُونَ فِيهِ بَعْضُ تَكْرَارٍ (وَلَمْ يَظْعَنْ) أَيْ يَشْرَعُ الْعَامِلُ فِي السَّفَرِ مِنْ بَلَدِهِ.
وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ ظَعَنَ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهُ لِلُزُومِهِ حِينَئِذٍ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لِرَبِّ الْمَالِ رَدُّهُ مَا لَمْ يَعْمَلْ الْعَامِلُ بِهِ أَوْ يَظْعَنْ بِهِ لِسَفَرٍ وَإِنْ ابْتَاعَ بِهِ سِلَعًا وَتَجَهَّزَ يُرِيدُ بَعْضَ الْبُلْدَانِ فَنَهَاهُ رَبُّهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ بَعْدَ شِرَائِهِ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ عَمَلُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى سِلَعًا فَأَرَادَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ مَكَانَهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيَنْظُرُ السُّلْطَانُ فَيُؤَخِّرُ مِنْهَا مَا يُرْجَى لَهُ سُوقٌ لِئَلَّا يَدَعَ عَمَلَ الْعَامِلِ بَاطِلًا.
مُحَمَّدٌ لَوْ اشْتَرَى مِثْلَ الزَّادِ وَالسُّفْرَةِ فَإِنْ رَضِيَ رَبُّ الْمَالِ يَأْخُذُ ذَلِكَ بِمَا اشْتَرَاهُ فَذَلِكَ لَهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَمِثْلُ الزَّادِ وَالسُّفْرَةِ لَا يُمْنَعُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ إنْ عُدِمَ الْمَنْعُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى الْعَامِلُ مِنْ الْمَالِ مِثْلُ السُّفْرَةِ وَالزَّادِ يُرِيدُ السَّفَرَ بِالْمَالِ ثُمَّ طَلَبَ هُوَ أَوْ رَبُّ الْمَالِ الِانْحِلَالَ مِنْ الْقِرَاضِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ إذَا طَلَبَ الِانْحِلَالَ حِينَئِذٍ يُمَكَّنُ مِنْهُ، وَلَمْ يَقُلْ إنَّ الْعَامِلَ إذَا أَرَادَ الِانْحِلَالَ يُمَكَّنُ مِنْهُ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَقْصُورٌ عَلَى رَبِّ الْمَالِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute