للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَّا فَلِنَضُوضِهِ، وَإِنْ اسْتَنَضَّهُ: فَالْحَاكِمُ

ــ

[منح الجليل]

فَإِذَا رَضِيَ بِرَدِّ السُّفْرَةِ وَالزَّادِ فَلَا يَكُونُ لِلْعَامِلِ عَلَيْهِ مَقَالٌ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ، وَإِذَا طَلَبَهُ الْعَامِلُ وَامْتَنَعَ رَبُّ الْمَالِ كَانَ لَهُ الِامْتِنَاعُ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ ذَهَابِ بَعْضِ رَأْسِ مَالِهِ الْمَصْرُوفِ فِي الزَّادِ وَالسُّفْرَةِ ابْنُ عَرَفَةَ لَفْظُ الْمَوَّازِيَّةِ لَوْ اشْتَرَى مِثْلَ الزَّادِ وَالسُّفْرَةِ، فَإِنْ رَضِيَ رَبُّ الْمَالِ بِأَخْذِ ذَلِكَ بِمَا اشْتَرَاهُ فَذَلِكَ لَهُ إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنْ زَعَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ حَلَّهُ بِإِلْزَامِهِ رَبَّهُ بِأَخْذِ الزَّادِ وَالسُّفْرَةِ بِثَمَنِهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ ضَرَرِ رَبِّ الْمَالِ إنَّمَا يَلْزَمُ بِحَمْلِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى ذَلِكَ. وَمَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ لِلْعَامِلِ حَلَّهُ لِدَفْعِهِ لِرَبِّهِ ثَمَنَهُمَا كَمَا كَانَ ذَلِكَ لِرَبِّهِ، وَإِذَا كَانَ هَذَا لِرَبِّهِ كَانَ لِلْعَامِلِ أَحْرَى.

بَيَانُ الْأَحْرَوِيَّةِ أَنَّ ثُبُوتَ ذَلِكَ لِرَبِّهِ يُدْخِلُ عَلَى الْعَامِلِ تَصْيِيرَ تَكَلُّفِهِ شِرَاءَ الزَّادِ وَالسُّفْرَةِ مَجَّانًا، وَثُبُوتُهُ لِلْعَامِلِ بِغُرْمِ ثَمَنِهِ لَا يُدْخِلُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ ضَرَرًا بِحَالٍ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي أَبِي الْحَسَنِ، فَإِنَّهُ لَمَّا نَقَلَ كَلَامَ مُحَمَّدٍ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، قَالَ وَكَذَلِكَ، إذَا أَرَادَ الْعَامِلُ رَدَّ الْمَالِ بَعْدَ أَنْ أَنْفَقَ فِي الزَّادِ فَلَهُ أَنْ يَغْرَمَ ذَلِكَ وَيَرُدَّ الْمَالَ اهـ.

وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِهِ عَلَى أَنَّهُ تَنَازَلَ لِمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَبُو الْحَسَنِ، فَإِنَّهُ لَمَّا تَوَرَّكَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ لِرَبِّ الْمَالِ فَقَطْ، وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَا لِلْعَامِلِ الِانْحِلَالَ لَضَرَّ ذَلِكَ بِرَبِّ الْمَالِ بِسَبَبِ مَا صُرِفَ مِنْ مَالِهِ فِي السُّفْرَةِ وَالزَّادِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَحْسِبَ الْعَامِلُ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ وَيَرُدَّ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى ذَلِكَ بِهِ، لَكِنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ هَذَا.

(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ شَرَعَ الْعَامِلُ فِي الْعَمَلِ أَوْ ظَعَنَ فِي السَّفَرِ (فَ) يَلْزَمُهُمَا الصَّبْرُ (لِنَضُوضِهِ) أَيْ صَيْرُورَةِ الْمَالِ نَاضًّا دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ بِبَيْعِ السِّلَعِ بِهَا وَقَبْضِهَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهُ حَتَّى يَرْجِعَ عَيْنًا.

(وَإِنْ اسْتَنَضَّهُ) أَيْ طَلَبَ رَبُّ الْمَالِ بَيْعَ السِّلَعِ بِالدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ لِيَأْخُذَهَا مِنْ الْعَامِلِ وَأَبَى الْعَامِلُ الْبَيْعَ فِي الْحَالِ وَطَلَبَ التَّأْخِير (فَالْحَاكِمُ) يَنْظُرُ فِيهِ، فَإِنْ رَأَى تَأْخِيرَهُ مَصْلَحَةً حَكَمَ بِهِ وَإِلَّا أَمَرَهُ بِبَيْعِهَا حَالًا بِلَا تَأْخِيرٍ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>