وَحُمِلَا عَلَيْهِ عِنْدَ السُّكُوتِ، وَصَحَّتْ:
كَاشْتِرَاطِهِ عَلَى الْعَامِلِ مَا خَفَّتْ مُؤْنَتُهُ كَزَرْبٍ لَا مَا عَظُمَ مِنْ بُنْيَانٍ.
وَهَلْ تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ؟
ــ
[منح الجليل]
(وَحُمِلَا) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ، أَيْ الْعَاقِدَانِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْإِثْمَارِ (عِنْدَ السُّكُوتِ) عَنْ التَّحْدِيدِ عِنْدَ الْعَقْدِ (وَصَحَّتْ) الْمُغَارَسَةُ الَّتِي سَكَتَا عَنْ تَحْدِيدِهَا حِينَ عَقْدِهَا فِي الْمُهَذَّبِ عَنْ الْمُنْتَخَبِ. ابْنُ حَبِيبٍ لَوْ لَمْ يُذْكَرْ لِلشَّجَرِ حَدٌّ لَجَازَ وَجُعِلَ الْإِثْمَارُ وَالشَّبَابُ التَّامُّ الَّذِي يُعْرَفُ لِأَنَّهُ الْأَمْرُ الَّذِي عَرَفَهُ النَّاسُ فِي الْمُغَارَسَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ سَكَتَا عَنْ التَّحْدِيدِ فَفِي جَوَازِهَا وَمَنْعِهَا سَمَاعُ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ، وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَجَعَلَهُ لِلْإِثْمَارِ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ رُشْدٍ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِينَ فِي الْبَابِ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَلِذَا اقْتَصَرْت عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ، وَهَذَا إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِتَحْدِيدِهَا بِالْإِثْمَارِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعُرْفُ جَارِيًا عَلَى الْوَجْهِ الْفَاسِدِ كَمَا فِي بَعْضِ مَنْ عَقَدَهَا عَلَى عَمَلِ الْعَامِلِ مَا عَاشَ، فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِصِحَّتِهَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ التَّحْدِيدَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا وَلَمْ يَذْكُرُوا لِعَقْدِ الْمُغَارَسَةِ صِيغَةً مُعَيَّنَةً.
وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَاشْتِرَاطِهِ) أَيْ رَبِّ الْأَرْضِ (عَلَى الْعَامِلِ مَا) أَيْ عَمَلًا (خَفَّتْ مُؤْنَتُهُ كَزَرْبٍ لَا) يَجُوزُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْعَامِلِ (مَا عَظُمَ) بِضَمِّ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ (مِنْ بُنْيَانٍ) لِحَائِطٍ مَثَلًا (وَحَفْرِ بِئْرٍ وَإِزَالَةِ شَعْرَاءَ) كَحَمْرَاءَ، أَيْ أَشْجَارٍ نَابِتَةٍ بِنَفْسِهَا لَا ثَمَرَ لَهَا. فِي الْمُتَيْطِيَّةِ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُشْعِرَةً كُلَّهَا فَلَا تَجُوزُ الْمُغَارَسَةُ لِأَنَّ تَنْقِيَتَهَا مِنْ الشَّعْرَاءِ لَهَا قَدْرٌ وَبَالٌ، وَهِيَ زِيَادَةٌ فِي الْمُجَاعَلَةِ وَكَذَلِكَ إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ بِنَاءَ جِدَارٍ حَوْلَ الْأَرْضِ مِمَّا تَكْثُرُ النَّفَقَةُ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ، وَهُوَ غَرَرٌ لِأَنَّ الْغَرْسَ رُبَّمَا لَمْ يَنْبُتْ أَوْ يَهْلَكْ قَبْلَ بُلُوغِ الْحَدِّ الْمُشْتَرَطِ فَتَرْجِعُ الْأَرْضُ إلَى رَبِّهَا، وَقَدْ انْتَفَعَ بِتَنْقِيَتِهَا وَالْبُنْيَانِ حَوْلَهَا وَيَذْهَبُ عَمَلُ الْغَارِسِ بَاطِلًا، فَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهَا لُمَعٌ يَسِيرَةٌ مِنْ الشَّعْرِ تُخَفْ إزَالَتُهَا فَلَا بَأْسَ بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ عَلَيْهِ اهـ. ابْنُ سَلْمُونٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ مَا تَعْظُمُ نَفَقَتُهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ التَّزْرِيبَ الْخَفِيفَ أَوْ مَا قَلَّ مِنْ الْبِنَاءِ.
(وَهَلْ تَلْزَمُ) الْمُسَاقَاةُ عَاقِدَيْهَا (ب) مُجَرَّدِ (الْعَقْدِ أَوْ) لَا تَلْزَمُهُمَا (إلَّا إنْ شَرَعَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute