لَا زَرْعٍ
وَشَرْطِ كَنْسِ مِرْحَاضٍ،
ــ
[منح الجليل]
لَا) يَجُوزُ اكْتِرَاؤُك أَرْضًا بِهَا (زَرْعٌ) أَخْضَرَ لِغَيْرِك عَقِبَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ اكْتِرَاءِ زَارِعِهِ، إذْ لَيْسَ لِمُكْرِي الْأَرْضِ إلْزَامُهُ بِقَلْعِهِ، بَلْ يَلْزَمُهُ بَقَاؤُهُ بِهَا إلَى تَنَاهِي طِيبِهِ وَلَهُ كِرَاءُ مَا زَادَ عَلَى الْمُدَّةِ الْأُولَى. ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ كَانَ مَوْضِعَ الشَّجَرِ زَرْعٌ أَخْضَرُ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يُكْرِيَهَا مَا دَامَ زَرْعُ هَذَا فِيهَا؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَلْعُهُ، وَإِنَّمَا لَهُ كِرَاءُ أَرْضِهِ وَلَهُ قَلْعُ الشَّجَرِ فَافْتَرَقَا إلَّا أَنْ يُكْرِيَهَا إلَى تَمَامِ الزَّرْعِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُكْرِيَهَا إلَى تَمَامِ الزَّرْعِ، أَيْ بَعْدَ الزَّرْعِ، فَإِلَى بِمَعْنَى بَعْدُ، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، إذْ لَا مَعْنَى لِإِبْقَائِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَقِيَتْ لِلزَّرْعِ حَسْبَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ، فَلَا مَعْنَى لِعَقْدِ الْكِرَاءِ عَلَى ذَلِكَ.
(وَ) جَازَ اشْتِرَاطُ (كَنْسِ مِرْحَاضٍ) فِي اكْتِرَاءِ دَارٍ عَلَى الْمُكْرِي؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَجْهُهُ.
فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا أَوْ حَمَّامًا وَاشْتَرَطَ كَنْسَ الْمَرَاحِيضِ وَالتُّرَابِ وَغُسَالَةَ الْحَمَّامِ عَلَى الْمُكْرِي جَازَ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ. ابْنُ يُونُسَ قِيلَ مَعْنَى ذَلِكَ فِي كَنْسِ مَا يَكُونُ بَعْدَ عَقْدِ الْكِرَاءِ، وَأَمَّا مَا كَانَ يَوْمَ الْعَقْدِ فِي الْمَرَاحِيضِ فَهُوَ عَلَى الْمُكْرِي شُرِطَ عَلَيْهِ أَمْ لَا، كَمَا لَوْ كَانَ فِي أَحَدِ الْبُيُوتِ الْمُكْتَرَاةِ شَيْءٌ، فَإِنَّ عَلَيْهِ إزَالَتَهُ وَتَفْرِيغَ الْبَيْتِ لِلْمُكْتَرِي فَكَذَلِكَ الْمِرْحَاضُ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا فَعَلَى رَبِّهَا مَرَمَّتُهَا وَكَنْسُ مَرَاحِيضِهَا وَإِصْلَاحُ مَا وَهِيَ مِنْ الْجُدْرَانِ وَالْبُيُوتِ.
ابْنُ يُونُسَ لَعَلَّهُ أَرَادَ فِي الْمَرَمَّةِ وَالْإِصْلَاحِ الْخَفِيفَ. أَوْ أَرَادَ أَنَّهُ عَلَيْهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا إذْ إهْمَالُ الْبَيْتِ فَلَا يُجْبَرُ رَبُّهُ عَلَى الطَّرِّ وَلِلْمُكْتَرِي الْخُرُوجُ فِي الضَّرَرِ الْبَيِّنِ إلَّا أَنْ يَطُرَّهَا رَبُّهَا، فَكَذَلِكَ هَذَا. وَقَوْلُهُ هُنَا وَعَلَى رَبِّهَا كَنْسُ الْمِرْحَاضِ لَعَلَّهُ أَرَادَ مَا كَانَ فِيهِ قَدِيمًا؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْكَنْسَ عَلَى الْمُكْتَرِي إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ، وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ أَوْ شَرْطٌ فَيُحْمَلَانِ عَلَيْهِ. " غ " ظَاهِرُ نَصِّهَا السَّابِقِ أَنَّهُ عَلَى الْمُكْتَرِي حَتَّى يَشْتَرِطَ عَلَى رَبِّ الدَّارِ، وَقَدْ قَالَ بَعْدُ: وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا فَعَلَى رَبِّهَا مَرَمَّتُهَا وَكَنْسُ الْمَرَاحِيضِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ عَلَى رَبِّهَا حَتَّى يَشْتَرِطَهُ عَلَى الْمُكْتَرِي فَقِيلَ خِلَافٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute