وَإِنْ لِغَيْرِك
ــ
[منح الجليل]
مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ وَأَرْضِ مَطَرٍ عَشْرًا إلَخْ، لِشُمُولِ هَذَا كِرَاءَهَا لِغَرْسٍ أَوْ بِنَاءٍ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ فَصَّلَ فِي الْأَوَّلِ فِي النَّقْدِ دُونَ هَذَا. وَأَشَارَ بِالْمُشَبَّهِ الَّذِي بَعْدَ الْكَافِ إلَى أَنَّ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا سِنِينَ وَغَرَسَ بِهَا شَجَرًا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَكْتَرِيَهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً تَلِي السِّنِينَ الْأُولَى لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَوْ اكْتَرَيْت أَرْضًا سِنِينَ مُسَمَّاةً فَغَرَسْت فِيهَا شَجَرًا فَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَفِيهَا شَجَرُك فَلَا بَأْسَ أَنْ تُكْرِيَهَا مِنْ رَبِّهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً، وَإِنْ كَانَ بِلَامٍ فَلَعَلَّ أَرْضٍ غَيْرُ مُنَوَّنٍ لِإِضَافَتِهِ لِسِنِينَ لِأَدْنَى مُنَاسَبَةٍ. سِيبَوَيْهِ: الْإِضَافَةُ تَقَعُ بِأَدْنَى سَبَبٍ، وَحِينَئِذٍ فَالْكَلَامُ مُشْتَمِلٌ عَلَى فَرْعٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ نَصُّهَا الْمُتَقَدِّمُ، وَالْمَعْنَى وَجَازَ كِرَاءُ أَرْضِ سِنِينَ مَاضِيَةٍ سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً لِمَنْ غَرَسَ بِهَا شَجَرًا فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ، وَفِيهِ قَلَقٌ. وَلَوْ قَالَ وَأَرْضٍ سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً لِذِي شَجَرٍ بِهَا أَوْ غَيْرِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ. " غ " وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ أَحْسَنُ، إذْ قَالَ كَكِرَائِهَا لِذِي شَجَرٍ بِهَا أَوْ غَيْرِهِ سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً، وَدَخَلَ فِي الْغَيْرِ الْأَجْنَبِيُّ، وَالْحُكْمُ سَوَاءٌ. وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ الَّتِي شُجِّرَ بِهَا شَجَرٌ لِغَيْرِ مُكْرِيهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً إنْ كَانَ لَك، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الشَّجَرُ الَّذِي بِهَا (لِغَيْرِك) بِأَنْ اكْتَرَاهَا زَيْدٌ سِنِينَ وَغَرَسَ بِهَا شَجَرًا وَانْقَضَتْ مُدَّتُهُ فَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ اكْتِرَاؤُهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً، إنْ اكْتَرَاهَا مِنْك الْمُكْتَرِي الْأَوَّلُ بَقِيَ شَجَرُهُ إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ الثَّانِيَةِ، وَإِلَّا فَلَكَ إلْزَامُهُ بِقَلْعِ شَجَرِهِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ.
فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ اكْتَرَيْت أَرْضًا سِنِينَ ثُمَّ أَكْرَيْتُهَا لِغَيْرِك فَغَرَسَ فِيهَا شَجَرًا، ثُمَّ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْكِرَاءِ، وَفِيهَا غَرْسُهُ فَلَكَ أَنْ تُكْرِيَهَا مِنْ رَبِّهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً، ثُمَّ إنْ أَرْضَاكَ الْغَارِسُ وَإِلَّا قَلَعَ غَرْسَهُ.
ابْنُ يُونُسَ جَازَ كِرَاؤُهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يُجْبِرَ الْغَارِسَ عَلَى قَلْعِ غَرْسِهِ بَعْدَ تَمَامِ كِرَائِهِ، فَكَأَنَّ الْمُكْتَرِيَ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى أَنْ يَقْلَعَ الْغَارِسُ غَرْسَهُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْ الْأَرْضِ مَا كَانَ رَبُّهَا يَمْلِكُهُ وَلَا يَسْتَطِيعُ مُخَالَفَتَهُ، فَقَدْ دَخَلَ عَلَى أَمْرٍ مَعْرُوفٍ.
" غ " فَتَجَوَّزَ الْمُصَنِّفُ فِي إطْلَاقِ ذِي الشَّجَرِ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ غَارِسِهِ، وَالْتَفَتَ فَخَاطَبَهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ بِصِيغَةِ الْغَيْبَةِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ، وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ أَحْسَنُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute