وَإِنَاءٌ لِبَوْلٍ: إنْ خَافَ سَبُعًا:
كَمَنْزِلٍ تَحْتَهُ، وَمُنِعَ عَكْسُهُ:
كَإِخْرَاجِ رِيحٍ، وَمُكْثٍ بِنَجَسٍ
ــ
[منح الجليل]
وَ) جَازَ أَنْ يُتَّخَذَ (إنَاءٌ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ مَمْدُودًا، أَيْ وِعَاءٌ (لِبَوْلٍ) فِيهِ لَيْلًا بِمَسْجِدٍ (إنْ خَافَ) الْبَائِتُ فِيهِ (سَبْقًا) لِلْبَوْلِ مِنْهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ بَدَلَ الْقَافِ.
ابْنُ عَرَفَةَ فَتْوَى ابْنِ رُشْدٍ بِسَعَةِ إدْخَالِ مَنْ لَا غِنَى عَنْ مَبِيتِهِ بِالْمَسْجِدِ مِنْ سَدَنَتِهِ لِحِرَاسَتِهِ وَمَنْ اُضْطُرَّ لِلْمَبِيتِ بِهِ مِنْ شَيْخٍ ضَعِيفٍ وَزَمِنٍ وَمَرِيضٍ وَرَجُلٍ لَا يَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ لَيْلًا لِلْمَطَرِ وَالرِّيحِ وَالظُّلْمَةِ ظُرُوفًا لِلْبَوْلِ بِهَا، فِيهَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَا يُحْرَسُ اتِّخَاذُهُ بِهَا غَيْرُ وَاجِبٍ، وَصَوْنُهَا عَنْ ظُرُوفِ الْبَوْلِ وَاجِبٌ، وَلَا يَدْخُلُ فِي نَقْلٍ بِمَعْصِيَةٍ. الْحَطَّابُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْغَرِيبُ إذَا لَمْ يَجِدْ أَيْنَ يُدْخِلُ دَابَّتَهُ فَإِنَّهُ يُدْخِلُهَا فِي الْمَسْجِدِ إذَا خَافَ عَلَيْهَا مِنْ اللُّصُوصِ.
وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَ) اتِّخَاذِ (مَنْزِلٍ تَحْتَهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ فَيَجُوزُ (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (عَكْسُهُ) أَيْ اتِّخَاذِ مَنْزِلٍ فَوْقَ الْمَسْجِدِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ بَنَى مَسْجِدًا أَوْ بَنَى فَوْقَهُ بَيْتًا فَلَا يُعْجِبُنِي؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَسْكَنًا يُجَامِعُ فِيهِ وَيَأْكُلُ. قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْبَيْتُ تَحْتَ الْمَسْجِدِ وَيُورَثُ الْبُنْيَانُ الَّذِي تَحْتَ الْمَسْجِدِ وَلَا يُورَثُ الْمَسْجِدُ إذَا كَانَ صَاحِبُهُ قَدْ أَبَاحَهُ لِلنَّاسِ. ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ أَنَّ لِظَهْرِ الْمَسْجِدِ مِنْ الْحُرْمَةِ مَا لِلْمَسْجِدِ وَلَا يُورَثُ الْمَسْجِدُ وَلَا الْبُنْيَانُ الَّذِي فَوْقَهُ وَيُورَثُ الْبُنْيَانُ الَّذِي تَحْتَهُ وَاخْتُلِفَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ عَلَيْهِ هَلْ تُكْرَهُ ابْتِدَاءً، وَتَصِحُّ إنْ فُعِلَتْ أَوْ لَا تَصِحُّ وَتُعَادُ أَبَدًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَسُكْنَى فَوْقَهُ بِمَا فِيهِ الْكِفَايَةُ.
وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَإِخْرَاجِ رِيحٍ) مِنْ دُبُرٍ بِمَسْجِدٍ فَيُمْنَعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَحَدٌ لِحُرْمَتِهِ وَأَذِيَّةِ الْمَلَائِكَةِ. ابْنُ رُشْدٍ لَا يُحْدِثُ بِالْمَسْجِدِ حَدَثَ الرِّيحِ (وَ) كَ (مُكْثٍ) فِي الْمَسْجِدِ (بِنَجَسٍ) غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ قَلِيلٍ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي وُجُوبِ خُرُوجِ مَنْ رَأَى بِثَوْبِهِ كَثِيرَ دَمٍ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ فِي صَلَاةٍ وَتَرَكَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ سَاتِرًا نَجَاسَتَهُ بِبَعْضِهِ نَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ شَعْبَانَ وَغَيْرِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute