للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكُرِهَ أَنْ يَبْصُقَ بِأَرْضِهِ وَحَكَّهُ

ــ

[منح الجليل]

ابْنُ الْقَاسِمُ لَا بَأْسَ بِوُضُوءِ ظَاهِرِ الْأَعْضَاءِ بِصَحْنِ الْمَسْجِدِ، وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ ابْنِ رُشْدٍ قَوْلُ سَحْنُونٍ لَا يَجُوزُ أَحْسَنُ لِقَوْلِهِ اللَّهِ تَعَالَى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} [النور: ٣٦] ، فَوَجَبَ أَنْ تُرْفَعَ وَتُنَزَّهَ عَنْ أَنْ يُتَوَضَّأَ فِيهَا لِمَا يَسْقُطُ فِيهَا مِنْ غُسَالَةِ الْأَعْضَاءِ مِنْ أَوْسَاخٍ وَالتَّمَضْمُضِ وَالِاسْتِنْشَاقِ، وَقَدْ يَحْتَاجُ لِلصَّلَاةِ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ آخَرُ فَيَتَأَذَّى بِالْمَاءِ الْمُهْرَاقِ فِيهِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «اجْعَلُوا مَطَاهِرَكُمْ عَلَى أَبْوَابِ مَسَاجِدِكُمْ» ، وَقَدْ كَرِهَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْوُضُوءَ بِالْمَسْجِدِ وَإِنْ جَعَلَهُ فِي طَسْتٍ، وَذُكِرَ أَنَّ هِشَامًا فَعَلَهُ فَأَنْكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، أَرَادَ لُقْمَانُ بْنُ يُوسُفَ مِنْ أَصْحَابِ سَحْنُونٍ وَكَانَ حَافِظَ الْمَذْهَبِ مُفْتِيًا ثِقَةً صَالِحًا غَسْلَ رِجْلَيْهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ فِي جَامِعِ تُونُسَ فَأَنْكَرَ إنْسَانٌ عَلَيْهِ، فَقَالَ لُقْمَانُ كَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَتَوَضَّأُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَهَذَا يَمْنَعنِي أَنْ أَغْسِلَ رِجْلَيَّ فِي جَامِعِ تُونُسَ.

وَرَوَى الشَّيْخُ يُكْرَهُ: السِّوَاكُ بِالْمَسْجِدِ فِيهَا وَلَا يَأْخُذُ الْمُعْتَكِفُ بِهِ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ وَإِنْ جَمَعَهُ وَأَلْقَاهُ خَارِجَهُ الْحَطَّابُ بِمَنْعِ الْمُكْثِ بِالنَّجَسِ فِي الْمَسْجِدِ صَدَّرَ ابْنُ شَعْبَانَ، وَفِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ يَجِبُ عَلَى مَنْ رَأَى بِثَوْبِهِ دَمًا كَثِيرًا فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَا يَخْلَعُهُ فِيهِ، وَقِيلَ يَخْلَعُهُ وَيَتْرُكُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُغَطِّي الدَّمَ الْقَلْشَانِيُّ وَعَلَيْهِمَا الْخِلَافُ فِي إدْخَالِ النَّعْلِ الَّذِي لَحِقَتْهُ نَجَاسَةٌ فِي مِحْفَظَةٍ أَوْ مَلْفُوفَةٍ فِي خِرْقَةٍ كَثِيفَةٍ الْجُزُولِيُّ دُخُولُ الْمَسْجِدِ بِالثَّوْبِ النَّجِسِ مَكْرُوهٌ، وَكَذَلِكَ نَعْلَاهُ إذَا كَانَ فِيهِمَا نَجَاسَةٌ فَلَا يُدْخِلُهُمَا الْمَسْجِدَ حَتَّى يَحُكَّهُمَا، وَلَا يَغْسِلُهُمَا فَإِنَّهُ يُفْسِدُهُمَا. اهـ. فَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ مُخَالِفٌ لِمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ فَظَاهِرٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ خِلَافٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (أَنْ يَبْصُقَ بِأَرْضِهِ) أَيْ عَلَى أَرْضِ الْمَسْجِدِ (وَحَكَّهُ) أَيْ مَعَ حَكِّهِ فَهُوَ مِنْ تَمَامِ التَّصْوِيرِ، أَيْ الْبُصَاقِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَبْصُقُ أَحَدٌ فِي حَصِيرِ الْمَسْجِدِ وَيُدَلِّكُهُ بِرِجْلِهِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْصُقَ تَحْتَ الْحَصِيرِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْمَسْجِدُ غَيْرَ مُحَصَّبٍ فَلَا يَبْصُقُ تَحْتَ قَدَمِهِ وَيَحُكُّهُ بِرِجْلِهِ بِمَنْزِلَةِ الْحَصِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>