إلَّا مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ وَلَا ثَمَنَ مَعَهُ وَالْأَرْجَحُ بِالثَّمَنِ
ــ
[منح الجليل]
بِمَا إذَا كَانَتْ فِي أَرْضِهِ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي دُخُولِهَا لِلِاسْتِقَاءِ. وَأَمَّا الْبِئْرُ الَّتِي فِي حَائِطِ الرَّجُلِ أَوْ دَارِهِ قَدْ حَظَرَ عَلَيْهَا، فَلَهُ الْمَنْعُ مِنْ الدُّخُولِ إلَيْهَا، وَالْمُرَادُ بِالْحَطَبِ وَالْكَلَأِ الَّذِي فِي غَيْرِ مَنْزِلِهِ، بَلْ فِي الْفَحْصِ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ حَمَلَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يُمْنَعُ نَقْعٌ وَلَا رَهْوُ مَاءٍ» عَلَى عُمُومِهِ، وَهُوَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَتَأَوَّلَهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ اهـ وَرَهْوُ الْمَاءِ مُجْتَمَعُهُ قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ رَبَّ الْمَاءِ الْمُسْتَخْرَجِ يَحْفِرُ فِي أَرْضِهِ أَحَقُّ بِهِ كَالْمَاءِ الَّذِي فِي آنِيَتِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ عِيَاضٍ فِي الْإِكْمَالِ، وَنَقَلَ الْبَاجِيَّ وَاللَّخْمِيُّ وَإِيَّاهُمْ تَبِعَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَأَخَذَ ابْنُ رُشْدٍ خِلَافَهُ مِنْ قَوْلِ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى الْمُتَقَدِّمِ وَأَتْبَاعِهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ يُرَدُّ بِاحْتِمَالِ حَمْلِهِ عَلَى الْمِيَاهِ فِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ بِنُزُولِ مَطَرٍ أَوْ تَفَجُّرٍ فِيهَا دُونَ تَسَبُّبٍ فِيهِ بِحَفْرٍ وَنَحْوِهِ وَلِذَا قَارَنَهُ بِالنَّارِ وَالْحَطَبِ وَالْكَلَأِ.
وَاسْتَثْنَى مِنْ مُتَعَلِّقِ قَوْلِهِ لَهُ مَنْعُهُ فَقَالَ (إلَّا مَنْ) أَيْ إنْسَانًا (خِيفَ عَلَيْهِ) الْهَلَاكُ أَوْ الْمَرَضُ الْخَطِرُ (وَ) الْحَالُ (لَا ثَمَنَ) لِلْمَاءِ الْمُحْتَاجِ لَهُ (مَعَهُ) أَيْ مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ فَيَحْرُمُ عَلَى ذِي الْمَاءِ مَنْعُهُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ الْفَاضِلَ مِنْ الْمَاءِ مَجَّانًا لِوُجُوبِ مُوَاسَاتِهِ. ابْنُ رُشْدٍ مَا كَانَ مِنْ الْمَاءِ فِي أَرْضٍ مُتَمَلَّكَةٍ، سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَنْبَطًا مِثْلَ بِئْرٍ يَحْضُرُهَا أَوْ عَيْنٍ يَسْتَخْرِجُهَا أَوْ غَيْرَ مُسْتَنْبَطٍ غَدِيرًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَيَحِلُّ لَهُ بَيْعُهُ، وَمَنْعُ النَّاسِ مِنْهُ إلَّا بِثَمَنٍ إلَّا أَنْ يَرِدَ عَلَيْهِ قَوْمٌ لَا ثَمَنَ مَعَهُمْ، وَيُخَافَ عَلَيْهِمْ الْهَلَاكُ إنْ مَنَعَهُمْ فَحَقٌّ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَمْنَعَهُمْ، فَإِنْ مَنَعَهُمْ فَعَلَيْهِمْ مُجَاهَدَتُهُ، هَذَا قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْ نَهْيَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ مَنْعِ نَقْعِ الْبِئْرِ عَلَى عُمُومِهِ، بَلْ تَأَوَّلَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يَمْنَعَ الشُّرْبَ مِنْ الْعَيْنِ أَوْ الْغَدِيرِ يَكُونُ فِي أَرْضِهِ مِنْ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ عَلَيْهِ بِهِ، وَلَهُ فِي وَاجِبِ الْحُكْمِ أَنْ يَمْنَعَ مَاءَهُ إذَا شَاءَ وَيُبِيحَهُ إذَا شَاءَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَاءُ فِي إنَاءٍ لِرَبِّهِ يَخْتَصُّ بِهِ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ الْمُوَاسَاةِ.
(وَالْأَرْجَحُ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ أَخْذُهُ (بِالثَّمَنِ) " غ " يُرِيدُ إنْ كَانَ مَعَهُ ثَمَنٌ كَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ ذِكْرَ الثَّمَنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ مَعَ وُجُودِهِ. طفي؛ لِأَنَّ تَرْجِيحَ ابْنِ يُونُسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute