للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَفَضْلِ بِئْرِ زَرْعٍ خِيفَ عَلَى زَرْعِ جَارِهِ بِهَدْمِ بِئْرِهِ، وَأَخَذَ يُصْلِحُ، وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ:

ــ

[منح الجليل]

أَخْذُهُ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ مَعَهُ، وَلَا يَتْبَعُ بِهِ دَيْنًا، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الصَّيْدِ وَلَهُ الثَّمَنُ إنْ وُجِدَ. وَنَصُّ ابْنِ يُونُسَ: وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مَنْ خَافَ عَلَى مُسْلِمٍ الْمَوْتَ أَنْ يُحْيِيَهُ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَيَجِبُ عَلَى أَصْحَابِ الْمِيَاهِ بَيْعُهَا مِنْ الْمُسَافِرِينَ بِمَا تُسَاوِي، وَلَا يُشَطِّطُوا عَلَيْهِمْ فِي ثَمَنِهَا. وَلَمْ يَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يَأْخُذُوهَا بِغَيْرِ ثَمَنٍ، وَقَالَهُ فِي الَّذِي انْهَارَتْ بِئْرُهُ أَنَّهُ يَسْقِي بِمَاءِ جَارِهِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ. ابْنُ يُونُسَ وَإِحْيَاءُ نَفْسِهِ أَعْظَمُ مِنْ إحْيَاءِ زَرْعِهِ، وَالْأَوْلَى فِي كِلَا الْأَمْرَيْنِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ بِالثَّمَنِ كَمَا لَوْ مَاتَ جَمَلُهُ فِي الصَّحْرَاءِ لَكَانَ عَلَى بَقِيَّةِ الرُّفَقَاءِ أَنْ يُكْرُوا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُسَافِرُونَ لَا ثَمَنَ مَعَهُمْ وَجَبَتْ مُوَاسَاتُهُمْ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِمْ وَلَا يَتْبَعُوا بِالثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ أَمْوَالٌ بِبَلَدِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ الْيَوْمَ أَبْنَاءُ سَبِيلٍ يَجُوزُ لَهُمْ أَخْذُ الزَّكَاةِ لِوُجُوبِ مُوَاسَاتِهِمْ اهـ.

" غ " زَادَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ فَضْلَ مَاءِ جَارِهِ لَا ثَمَنَ لَهُ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهِ، فَيَصِحُّ الْجَوَابُ، وَيَكُونُ هَذَا الْمَاءُ الَّذِي بَاعَهُ لِلْمُسَافِرِينَ لَهُ ثَمَنٌ، فَاخْتَلَفَ الْجَوَابُ لِاخْتِلَافِ الْمَعْنَى. وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُسَافِرِينَ مُخْتَارُونَ بِسَبَبِ السَّفَرِ، وَاَلَّذِي انْهَارَتْ بِئْرُهُ لَيْسَ بِمُخْتَارٍ.

وَشَبَّهَ فِي حُرْمَةِ الْمَنْعِ وَوُجُوبِ الْبَذْلِ بِالثَّمَنِ عَلَى الْأَرْجَحِ فَقَالَ (كَفَضْلِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ زَائِدُ مَاءِ (بِئْرِ زَرْعٍ) عَنْ سَقْيِ زَرْعِ حَافِرِهِ وَ (خِيفَ عَلَى زَرْعِ جَارِهِ) أَيْ حَافِرِ الْبِئْرِ أَوْ نَخْلِهِ الْهَلَاكُ بِالْعَطَشِ (بِ) سَبَبِ (هَدْمِ) أَيْ انْهِدَامِ (بِئْرِهِ) أَيْ الْجَارِ أَوْ غَوْرِ مَائِهِ (وَأَخَذَ) أَيْ شَرَعَ الْجَارُ (يُصْلِحُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ اللَّامِ بِئْرَهُ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِهَدْمِ بِئْرِهِ أَنَّهُ زَرَعَ عَلَى مَاءٍ فَيَجِبُ عَلَى صَاحِبِ الْبِئْرِ تَمْكِينُ جَارِهِ مِنْ سَقْيِ زَرْعِهِ أَوْ شَجَرِهِ بِمَا فَضَلَ عَنْ سَقْيِ زَرْعِهِ، وَاخْتَارَ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ الثَّمَنَ يَلْزَمُ الْجَارَ إنْ وُجِدَ مَعَهُ.

(وَ) إنْ امْتَنَعَ صَاحِبُ الْبِئْرِ مِنْ تَمْكِينِ جَارِهِ مِنْ ذَلِكَ (أُجْبِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>