كَفَضْلِ بِئْرِ مَاشِيَةٍ بِصَحْرَاءَ هَدَرًا إنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمِلْكِيَّةَ
ــ
[منح الجليل]
الْمُوَحَّدَةِ صَاحِبُ الْبِئْرِ (عَلَيْهِ) أَيْ تَمْكِينِ جَارِهِ مِنْ سَقْيِ زَرْعِهِ أَوْ نَخْلِهِ لِفَضْلِ مَاءِ بِئْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَخَفْ عَلَى زَرْعِ الْجَارِ أَوْ نَخْلِهِ أَوْ كَانَ زَرَعَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ أَوْ لَمْ تَنْهَدِمْ بِئْرُهُ أَوْ لَمْ يَأْخُذْ فِي إصْلَاحِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ تَمْكِينُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ. فِيهَا إذَا حَرَثَ جَارُكَ عَلَى غَيْرِ أَصْلِ مَاءٍ فَلَكَ مَنْعُهُ أَنْ يَسْقِيَ أَرْضَهُ بِفَضْلِ مَاءِ بِئْرِك الَّتِي فِي أَرْضِك إلَّا بِثَمَنٍ إنْ شِئْت. أَبُو الْحَسَنِ قَالُوا هَذَا إذَا كَانَ لَهُ ثَمَنٌ. ابْنُ يُونُسَ: أَمَّا إذَا كَانَ لَا ثَمَنَ لَهُ وَلَا يَنْتَفِعُ صَاحِبُهُ بِفَضْلِهِ فَمَا الَّذِي يَمْنَعُ الْجَارَ أَنْ يَبْتَدِئَ الزَّرْعَ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ أَبُو إِسْحَاقَ.
ابْنُ رُشْدٍ مِنْ حَقِّ مَنْ قَرُبَ مِنْ الْمَاءِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَا فَضَلَ مِنْهُ دُونَ ثَمَنٍ إنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ صَاحِبُهُ ثَمَنًا بِاتِّفَاقٍ، وَإِنْ وَجَدَ فَعَلَى اخْتِلَافٍ. وَأَمَّا إنْ حَرَثَ وَلِأَرْضِهِ بِئْرٌ فَانْهَارَتْ فَخَافَ عَلَى زَرْعِهِ، فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ عَلَيْك بِفَضْلِ مَاءِ بِئْرِك بِغَيْرِ ثَمَنٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَائِكَ فَضْلٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إنْ تَرَكَ التَّشَاغُلَ بِإِصْلَاحِ بِئْرِهِ اتِّكَالًا عَلَى بِئْرِ جَارِهِ فَلَا يَلْزَمُ جَارَهُ بَذْلُ الْمَاءِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ زَرَعَ ابْتِدَاءً عَلَى غَيْرِ مَاءٍ.
وَشَبَّهَ فِي الْجَبْرِ فَقَالَ (كَفَضْلِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ زَائِدُ مَاءِ (بِئْرِ) سَقْيِ (مَاشِيَةٍ) حُفِرَتْ (بِصَحْرَاءَ) لَا اخْتِصَاصَ لِأَحَدٍ بِهَا فَيَجِبُ عَلَى حَافِرِهَا دَفْعُهُ لِوَارِدِهَا (هَدَرًا) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ بِلَا عِوَضٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالِكًا لَهُ فَلَا يَبِيعُهُ وَلَا يَهَبُهُ وَلَا يُورَثُ إذَا مَاتَ (إنْ لَمْ يُبَيِّنْ) حِينَ حَفْرِهِ أَنَّهُ قَصَدَ (الْمِلْكِيَّةَ) لِلْبِئْرِ وَمَا فِيهَا مِنْ الْمَاءِ، فَإِنْ بَيَّنَهَا فَلَهُ مَنْعُهُ وَبَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَتُورَثُ عَنْهُ إنْ مَاتَ، وَمِنْ الْبَيَانِ أَنْ يُشْهِدَ حِينَ حَفْرِهَا أَنَّهَا لِنَفْسِهِ خَاصَّةً. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَنْ حَفَرَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ بِئْرَ الْمَاشِيَةِ أَوْ شَفَةً فَلَا يَمْنَعُ فَضْلَهَا مِنْ أَحَدٍ وَإِنْ مَنَعَهَا حَلَّ قِتَالُهُ وَيَغْرَمُ. دِيَةَ مَنْ مَنَعَهُ وَمَاتَ عَطَشًا. وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْقَرِينَانِ لِاتِّبَاعِ مِيَاهِ الْمَوَاشِي وَلَا تُمْنَعُ مِنْ أَحَدٍ وَلَا يَصْلُحُ فِيهَا عَطَاءٌ. ابْنُ رُشْدٍ مِيَاهُ الْمَوَاشِي هِيَ الْآبَارُ وَالْمَوَاجِلُ وَالْجِبَابُ يَصْنَعُهَا الرَّجُلُ فِي الْبَرَارِي لِلْمَاشِيَةِ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَا يَحْتَاجُ لِمَاشِيَتِهِ وَيَدَعُ الْفَضْلَ لِلنَّاسِ وَالْبِئْرُ وَالْمَأْجَلُ وَالْجُبُّ عِنْدَ الْإِمَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute