مَمْلُوكٍ،
ــ
[منح الجليل]
إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَةٌ وَيَتَعَذَّرُ عُرُوضُ وُجُوبِهِ، بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ وَفِيهِ تَنَافٍ ظَاهِرٌ، وَأَنَّهُ مِنْ الْمُوَاسَاةِ الَّتِي لِلْحِفْظِ مِنْ الْهَلَاكِ وَشَدِيدِ الْأَذَى، وَيَجِبُ بِالنَّذْرِ وَبِالْحِنْثِ وَبِأَمْرِ مَنْ تَجِبُ طَاعَتُهُ أَمْرًا جَازِمًا. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ التَّحْبِيسُ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ عَمِلَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمُونَ مِنْ بَعْدِهِ. وَفِي اللُّبَابِ حُكْمُهُ الْجَوَازُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَحَقِيقَتُهُ لُغَةً: الْحَبْسُ، وَشَرْعًا: حَبْسُ عَيْنٍ لِمَنْ يَسْتَوْفِي مَنَافِعَهَا أَبَدًا.
النَّوَوِيُّ، وَهُوَ مِمَّا اخْتَصَّ بِهِ الْمُسْلِمُونَ. الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمْ تَحْبِسْ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فِيمَا عَلِمْت دَارًا وَلَا أَرْضًا تَبَرُّرًا بِتَحْبِيسِهَا، وَإِنَّمَا حَبَّسَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ بِنَاءُ قُرَيْشٍ الْكَعْبَةَ وَحَفْرَ بِئْرِ زَمْزَمَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ تَبَرُّرًا، بَلْ فَخْرًا.
رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ» وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ أَصَابَ أَبِي أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَصَبْت أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالًا أَنْفَسَ مِنْهَا، فَكَيْفَ تَأْمُرنِي بِهَا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ شِئْت حَبَّسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ» عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ فِي الْفُقَرَاءِ وَالْغُرَبَاءِ وَالرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ.
تت عَبَّرَ بِالْوَقْفِ كَابْنِ الْحَاجِبِ دُونَ الْحَبْسِ؛ لِأَنَّهُ أَصْرَحُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى التَّأْبِيدِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِقَرِينَةٍ قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَهُمَا سَوَاءٌ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ شُرَيْحٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا حَبْسَ عَنْ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى. ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ أَنَّهُ يُورَثُ مَالِكٌ، تَكَلَّمَ شُرَيْحٌ بِبَلَدِهِ وَلَمْ يُرِدْ الْمَدِينَةَ فَيَرَى إحْبَاسَ الصَّحَابَةِ، وَيَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ فِيمَا لَمْ يُحِطْ بِهِ خُبْرًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦] وَإِضَافَةُ وَقْفُ شَيْءٍ (مَمْلُوكٍ) لِوَاقِفِهِ أَوْ مُوَكِّلِهِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ مِنْ أَرْضٍ أَوْ دَارٍ أَوْ حَانُوتٍ أَوْ قَنْطَرَةٍ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَوْ كِتَابٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ عَرَضٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَاحْتُرِزَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute