إنْ بِأُجْرَةٍ،
ــ
[منح الجليل]
بِهِ عَنْ وَقْفِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ الْغَزَالِيِّ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُحَبَّسُ الْحَقِّيُّ الْأَرْضُ وَمَا تَعَلَّقَ بِهَا كَالدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ وَالْحَوَائِطِ وَالْآبَارِ وَالْمَقَابِرِ وَالطُّرُقِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَأَرَادَ بِالْمَقَابِرِ الْمُتَّخَذَةِ حَيْثُ يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا. سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ أُحْدِثَتْ قُبُورٌ بِفِنَاءِ قَوْمٍ كَانُوا يَرْمُونَ بِهِ فِي غَيْبَتهمْ ثُمَّ قَدِمُوا فَلَهُمْ تَسْوِيَةُ قَدِيمِهَا لِلرَّمْيِ عَلَيْهَا، وَلَا أُحِبُّ تَسْوِيَةَ جَدِيدِهَا. ابْنُ رُشْدٍ كَرِهَهُ فِي الْجَدِيدَةِ فِي الْأَفْنِيَةِ، وَلَوْ كَانَتْ فِي الْأَمْلَاكِ الْمَحْجُورَةِ لَمْ يَكْرَهْهُ، وَقَدْ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَارُوا فِي بَطْنِهَا وَانْتَفِعُوا بِظَهْرِهَا. ابْنُ رُشْدٍ لَوْ دَفَنَ فِي الْأَمْلَاكِ الْمَحْجُورَةِ بِلَا إذْنِ رَبِّهَا لَكَانَ عَلَيْهِ تَحْوِيلُهُمْ إلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَفُعِلَ ذَلِكَ بِقَتْلَى أُحُدٍ لَمَّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إجْرَاءَ الْعَيْنِ الَّتِي بِجَانِبِ أُحُدٍ أَمَرَ مُنَادِيًا يُنَادِي بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ مَنْ كَانَ لَهُ قَتِيلٌ فَلْيُخْرِجْهُ وَلْيُحَوِّلْهُ، قَالَ جَابِرٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ قُبُورِهِمْ رِطَابًا يَنْتَقِعُونَ يَعْنِي شُهَدَاءَ أُحُدٍ.
قُلْت فِي اسْتِدْلَالِهِ بِفِعْلِ مُعَاوِيَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَتْلَى أُحُدٍ مَا أُقْبِرُوا إلَّا حَيْثُ جَازَ إقْبَارُهُمْ، وَاسْتِدْلَالُهُ بِإِخْرَاجِهِمْ يُوهِمُ كَوْنَ الْقَبْرِ غَيْرَ حَبْسٍ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ فَعَلَهُ لِتَحِلَّ مَنْفَعَةٌ عَامَّةٌ حَاجِبَةٌ حَسْبَمَا يَأْتِي فِي بَيْعِ الْحَبْسِ لِتَوْسِعَةِ جَامِعِ الْخُطْبَةِ. ابْنُ عَاتٍ سَأَلَ بَعْضُهُمْ أَيَجُوزُ حَرْثُ الْبَقِيعِ بَعْدَ أَرْبَعِينَ سَنَةً دُونَ دَفْنٍ فِيهِ وَأَخْذِ تُرَابِهِ لِلْبِنَاءِ، فَقَالَ: الْحَبْسُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُتَمَلَّكَ ابْنُ سَهْلٍ أَفْتَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِالْمَشْيِ عَلَى أَسْنِمَةِ الْقُبُورِ «وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَشُقُّ الْمَقَابِرَ عَلَى أَسْنِمَتِهَا لَا يَثِبُهَا» ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمَشْيُ عَلَى الْمَقَابِرِ إنْ كَانَ لَهُ قَبْرٌ ضَرُورَةٌ وَيُؤْمَرُ بِالتَّحَفُّظِ مِنْ الْمَشْيِ عَلَيْهَا لِئَلَّا يَهْدِمَهَا وَلِلضَّرُورَةِ أَحْكَامٌ، وَأَقَرَّهُ ابْنُ سَهْلٍ، وَأَفْتَى بَعْضُ شُيُوخِنَا بَعْضَ أَهْلِ الْخَيْرِ فِي بِنَاءِ دَارٍ لَهُ وَجَدَ فِي بُقْعَةٍ مِنْهَا عِظَامَ آدَمِيٍّ يَكُونُ مَحَلُّهُ حَبْسًا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، وَلَا بِهَوَائِهِ فَتَرَكَهُ وَهَوَاءَهُ بَرَاحًا.
الْبَاجِيَّ تَحْبِيسُ الرِّبَاعِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا فَإِنْ مُلِّكَ بِشِرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ، بَلْ (وَإِنْ) مُلِّكَتْ مَنْفَعَتُهُ (بِأُجْرَةٍ) فِيهَا لَا بَأْسَ أَنْ يُكْرِيَ أَرْضَهُ عَلَى أَنْ تُتَّخَذَ مَسْجِدًا عَشْرَ سِنِينَ، فَإِذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute