للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَطَلَ عَلَى مَعْصِيَةٍ

وَحَرْبِيٍّ. وَكَافِرٍ لِكَمَسْجِدٍ،

ــ

[منح الجليل]

رَدَّهَا لِلِانْتِفَاعِ كَرَدِّهَا لِحِفْظِهَا إنَّمَا يُفِيدُ أَنَّهَا إنْ عَادَتْ إلَيْهِ لِحِفْظِهَا فَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا إنْ احْتَاجَ لَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَهَذَا يُخَالِفُ فِيهِ طفي.

(وَبَطَلَ) الْوَقْفُ عَلَى مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ (عَلَى مَعْصِيَةٍ) كَجَعْلِ رِيعِهِ فِي ثَمَنِ خَمْرٍ. الْبِسَاطِيُّ لَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِكُفْرِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ. الْبَاجِيَّ لَوْ حَبَّسَ مُسْلِمٌ عَلَى كَنِيسَةٍ فَالْأَظْهَرُ عِنْدِي رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ كَمَا لَوْ صَرَفَهَا إلَى أَهْلِ الْفِسْقِ. ابْنُ عَرَفَةَ عِبَارَةُ الشُّيُوخِ أَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ إلَّا فِيمَا فِيهِ نَظَرٌ مَا لَا فِي الْأَمْرِ الضَّرُورِيِّ، وَرَدُّ هَذَا الْحَبْسِ ضَرُورِيٌّ مِنْ الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ أَوْصَى أَنْ يُقَامَ لَهُ مَنْهِيٌّ فِي عُرْسٍ أَوْ مَنَاحَةِ مَيِّتٍ لَا تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ وَقَوْلُهُ بَاطِلٌ. ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي رَدِّهَا بِنِيَاحَةِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ الْحَطّ وَانْظُرْ الْوَقْفَ عَلَى الْمَكْرُوهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ فَإِنْ يَمْضِي، وَإِنْ اتَّفَقَ عَلَى كَرَاهَتِهِ فَلَا يُصْرَفُ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ، وَيَتَوَقَّفُ فِي بُطْلَانِهِ أَوْ صَرْفِهِ إلَى جِهَةِ قُرْبِهِ. وَفِي الْمَدْخَلِ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ أَنَّ الْأَذَانَ جَمَاعَةً عَلَى صَوْتٍ وَاحِدٍ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ قَالَ: فِعْلُهُمْ ذَلِكَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ الثَّوَابِ فَالثَّوَابُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالِاتِّبَاعِ أَوْ لِأَجْلِ الْجَامِكِيَّةِ وَالْجَامَكِيَّةُ لَا تُصْرَفُ فِي بِدْعَةٍ، كَمَا أَنَّهُ يُكْرَهُ الْوَقْفُ عَلَيْهَا ابْتِدَاءً.

أَبُو مُحَمَّدٍ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَقْفُ كَافِرٍ عَلَى عُبَّادِ كَنِيسَةٍ إمَّا عَلَى مَوْتَاهَا أَوْ الْجَرْحَى أَوْ الْمَرْضَى فَصَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ، وَإِنْ أَرَادَ الْأُسْقُفُ بَيْعَهُ وَصَرْفَ ثَمَنِهِ فِي ذَلِكَ، وَنُوزِعَ فِيهِ وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا رَاضِينَ بِحُكْمِنَا، فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ مِنْ إمْضَاءِ الْحَبْسِ وَعَدَمِ بَيْعِهِ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ.

(وَ) بَطَلَ وَقْفُ مُسْلِمٍ عَلَى كَافِرٍ (حَرْبِيٍّ) لِلْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهَا إعَانَةٌ لَهُ عَلَيْهِمْ (وَ) بَطَلَ وَقْفُ شَخْصٍ (كَافِرٍ لِكَمَسْجِدٍ) وَرِبَاطٍ وَجِهَادٍ وَحَجٍّ وَأَذَانٍ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِدِينِ الْإِسْلَامِ. الْبَاجِيَّ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ حَبَّسَ ذِمِّيٌّ دَارًا عَلَى مَسْجِدٍ رُدَّ وَرَوَاهُ مَعْنٌ فِي نَصْرَانِيَّةٍ بَعَثَتْ بِدِينَارٍ لِلْكَعْبَةِ، فَرَدَّهُ عَلَيْهَا مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " ابْنُ عَرَفَةَ لَا يَصِحُّ وَقْفُ كَافِرٍ فِي قُرْبَةٍ دِينِيَّةٍ وَلَوْ كَانَ فِي مَنْفَعَةٍ عَامَّةٍ دُنْيَوِيَّةٍ كَبِنَاءِ قَنْطَرَةٍ، فَفِي رَدِّهِ نَظَرٌ وَالْأَظْهَرُ رَدُّهُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>