للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ عَلَى بَنِيهِ دُونَ بَنَاتِهِ

ــ

[منح الجليل]

أَوْ) وَقْفُهُ (عَلَى بَنِيهِ) أَيْ الْوَاقِفِ الذُّكُورِ (دُونَ بَنَاتِهِ) أَيْ الْوَاقِفِ الْإِنَاثِ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ، سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا حَبَّسَ عَلَى وَلَدِهِ وَأَخْرَجَ الْبَنَاتَ مِنْهُ إنْ تَزَوَّجْنَ، فَإِنْ شَاءَ أَنْ يُبْطِلَ ذَلِكَ وَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا فَاتَ أَنْ يَمْضِيَ عَلَى مَا حَبَّسَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ حَيًّا وَلَمْ يُحَزْ عَنْهُ الْحَبْسُ فَلْيَرُدَّهُ وَيُدْخِلْ فِيهِ الْبَنَاتِ وَإِنْ حِيزَ عَنْهُ أَوْ مَاتَ مَضَى عَلَى شَرْطِهِ وَلَا يَفْسَخُهُ الْقَاضِي. الْحَطّ حَصَلَ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، وَلْنَذْكُرْ كَلَامَ الْعُتْبِيَّةِ وَكَلَامَهُ بِرُمَّتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْفَوَائِدِ، قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: مَنْ حَبَّسَ حَبْسًا عَلَى ذُكُورِ وَلَدِهِ وَأَخْرَجَ الْبَنَاتِ مِنْهُ إذَا تَزَوَّجْنَ فَإِنِّي لَا أَرَى ذَلِكَ جَائِزًا لَهُ.

ابْنُ الْقَاسِمِ قُلْت لِمَالِكٍ أَتَرَى أَنْ يُبْطِلَ وَيُسَجِّلَ الْحَبْسَ؟ قَالَ نَعَمْ وَذَلِكَ وَجْهُ الشَّأْنِ فِيهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَكِنْ إذَا فَاتَ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى مَا حَبَّسَ، فَإِنْ كَانَ الْمُحَبِّسُ حَيًّا وَلَمْ يُجَزْ الْحَبْسُ فَأَرَى أَنْ يَفْسَخَهُ وَيُدْخِلُ فِيهِ الْإِنَاثُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ حِيزَ أَوْ مَاتَ فَهُوَ كَفَوْتٍ وَيَكُونُ عَلَى مَا جُعِلَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا أَنَّ الْحَبْسَ لَا يَجُوزُ، وَيَبْطُلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ خِلَافُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهُ يَمْضِي إذَا فَاتَ وَلَا يَنْقَضِ، وَفَوْتُ الْحَبْسِ عِنْدَهُ أَنْ يُحَازَ عَنْ الْمُحَبِّسِ عَلَى مَا قَالَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَوْ يَمُوتُ، أَرَادَ بَعْدَ حَوْزِهِ عَنْهُ، وَرَأَى أَنَّ الْحَبْسَ إذَا لَمْ يُحَزْ عَنْ مُحَبِّسِهِ يَبْطُلُ وَتَدْخُلُ الْإِنَاثُ، فِيهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَإِنْ كَرِهَ الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّ الصَّدَقَةَ وَالْهِبَةَ وَالْحَبْسَ لَا تَلْزَمُ وَلَا يُحْكَمُ بِهَا حَتَّى تُقْبَضَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، فَعَلَى هَذَا لَا يُفْسَخُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِمْ الرُّشَدَاءَ.

وَذَهَبَ ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ اخْتِلَافَ قَوْلٍ، قَالَ إنَّمَا يُفْسَخُ وَيُسَجَّلُ إذَا لَمْ يَأْبَهُ مَنْ حُبِّسَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ أَبَوْهُ فَلَا يَجُوزُ فَسْخُهُ، وَيُقَرُّ عَلَى مَا حُبِّسَ، وَإِنْ كَانَ الْمُحَبِّسُ حَيًّا إلَّا أَنْ يَرْضَوْا لَهُ بِرَدِّهِ، وَهُمْ رُشَدَاءُ. مَالِكٌ إنْ لَمْ يُخَاصِمْ فَلْيُرَدَّ الْحَبْسُ حَتَّى يَجْعَلَهُ عَلَى صَوَابٍ إنْ كَانَ لَمْ يُحَزْ عَنْهُ وَإِنْ خُوصِمَ فَلْيُقِرَّهُ عَلَى حَالِهِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا كَانَ قَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>