للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ. هَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ لَيْسَ بِمِلْكٍ لِلْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ كَالْهِبَةِ الَّتِي هِيَ مِلْكٌ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَا يَصِحُّ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ إذَا كَانَ كَبِيرًا، وَإِنَّمَا يَغْتَلُّهُ الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِ عَلَى مِلْكِ مُحَبِّسِهِ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَلَيْهِ مَنْ يَحُوزُهُ لِلْكَبِيرِ وَيُجْرِي عَلَيْهِ غَلَّتَهُ، وَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ وَلَا كَلَامَ لِلْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ فِيهِ. اهـ. وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ، وَأَمَّا هِيَ فَلَا خِلَافَ أَنَّ مِلْكَ مُحَبِّسِهَا قَدْ ارْتَفَعَ عَنْهَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ فِي حَبْسِ الذَّخِيرَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْفَرْقِ التَّاسِعِ وَالسَّبْعِينَ مِنْ قَوَاعِدِهِ، وَنَصُّهُ هَلْ يَفْتَقِرُ الْوَقْفُ إلَى الْقَبُولِ أَمْ لَا؟ فِيهِ خِلَافٌ، وَمَنْشَؤُهُ هَلْ أَسْقَطَ الْوَاقِفُ حَقَّهُ مِنْ مَنَافِعِ الْمَوْقُوفِ كَالْعِتْقِ فَلَا يَفْتَقِرُ لِلْقَبُولِ أَوْ مِلْكِ مَنَافِعِ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَيَفْتَقِرُ لِلْقَبُولِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا. وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ لِتَعَذُّرِهِ هَذَا فِي مَنَافِعِ الْمَوْقُوفِ

أَمَّا مِلْكُهُ فَاخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يَسْقُطُ أَوْ هُوَ بَاقٍ لِلْوَاقِفِ، وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي ثَمَرِ الْحَائِطِ الْمَوْقُوفِ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ نَحْوَ الْفُقَرَاءِ إذَا كَانَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، ثُمَّ يُفَرَّقُ الْبَاقِي عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بِالِاجْتِهَادِ، وَأَمَّا ثَمَرُ الْحَائِطِ الْمَوْقُوفِ عَلَى مُعَيَّنِينَ فَيُفَرَّقُ عَلَيْهِمْ مَنْ نَابَهُ نِصَابُ زَكَاةٍ، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَسَاجِدِ أَنَّ وَقْفَهَا إسْقَاطُ مِلْكٍ كَالْعِتْقِ فَلَا مِلْكَ لِمَخْلُوقٍ فِيهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ) وَلِإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ فِيهَا وَهِيَ لَا تُقَامُ فِي مَمْلُوكٍ لَا سِيَّمَا عَلَى أَصْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مِنْ أَنَّهَا لَا يُصَلِّيهَا أَرْبَابُ الْحَوَانِيتِ فِيهَا لِمِلْكِهَا وَحَجْرِهَا، فَلَا يَجْرِي فِي الْمَسَاجِدِ الْقَوْلَانِ اهـ.

وَقَبِلَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الشَّاطِّ السِّبْتِيُّ جَمِيعَهُ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي سَمَاعِ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَسْجِدٍ بَيْنَ قَوْمٍ فَتَنَازَعُوا فِيهِ وَقَسَّمُوهُ بَيْنَهُمْ بِحَائِطٍ وَسَطَهُ أَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُؤَذِّنُهُمْ وَاحِدًا، وَكَذَا إمَامُهُمْ فَقَالَ: لَيْسَ لَهُمْ قِسْمَةٌ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانُوا بَنُوهُ جَمِيعًا وَقَالَ أَشْهَبُ مِثْلَهُ وَلَا يَجْزِيهِمْ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ وَلَا إمَامٌ وَاحِدٌ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُمْ قَدْ ارْتَفَعَ عَنْهُ حِينَ سَلَبُوهُ، فَإِنْ قَسَّمُوهُ، فَلَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>