لَا الْغَلَّةُ، فَلَهُ وَلِوَارِثِهِ؛ مَنْعُ مَنْ يُرِيدُ إصْلَاحَهُ
ــ
[منح الجليل]
فِي الْأَذَانِ وَالْإِمَامِ إنْ فَصَلُوا بَيْنَهُمَا بِحَاجِزٍ يَتَمَيَّزُ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ. وَفِي قَوَاعِدِ الْمُقِرِّي وَقْفُ الْمَسَاجِدِ إسْقَاطُ مِلْكٍ إجْمَاعًا، وَفِي وَقْفِ غَيْرِهَا قَوْلَانِ بِنَقْلٍ وَإِسْقَاطٍ أَفَادَهُ " غ ".
الْحَطّ هَذَا خِلَافُ مَا حَكَاهُ فِي النَّوَادِرِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْحَبْسِ أَنَّ الْمَسَاجِدَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ مُحَبِّسِهَا أَيْضًا، وَنَصُّهُ فِي أَثْنَاءِ التَّرْجَمَةِ الْأُولَى فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى جَوَازِ التَّحْبِيسِ وَالرَّدِّ عَلَى شُرَيْحٍ: الْقَاتِلُ لَا حَبْسَ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ وَبَقَاءُ إحْبَاسِ السَّلَفِ دَائِرَةٌ دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ بَيْعِهَا وَمِيرَاثِهَا، وَالْمَسَاجِدُ وَالْأَحْبَاسُ لَمْ يُخْرِجْهَا مَالِكُهَا إلَى مِلْكِ أَحَدٍ وَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ، وَأَوْجَبَ تَسْبِيلَ مَنَافِعِهَا إلَى مَنْ حُبِّسَتْ عَلَيْهِ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا يَعْقِدُ فِي الْعَبْدِ الْكِتَابَةَ وَالْإِجَارَةَ وَالْإِسْكَانَ، وَأَصْلُ الْمِلْكِ فَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ حَلُّ شَيْءٍ مِمَّا أَوْجَبَ فِي الْمَرَافِقِ، وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ بَاقِيًا عَلَيْهِ. اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(لَا) عَاطِفَةٌ عَلَى الْمِلْكِ وَمَعْطُوفُهَا (الْغَلَّةُ) النَّاشِئَةُ مِنْ الشَّيْءِ الْمَوْقُوفِ فَلَيْسَتْ لِوَاقِفِهِ، بَلْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. ابْنُ شَاسٍ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ يَمْلِكُ الْغَلَّةَ وَالثَّمَرَةَ وَاللَّبَنَ وَالصُّوفَ وَالْوَبَرَ مِنْ الْحَيَوَانِ الْمَوْقُوفِ، وَفَرَّعَ عَلَى كَوْنِ الْمِلْكِ لِلْوَاقِفِ فَقَالَ (فَلَهُ) أَيْ الْوَاقِفِ (وَلِوَارِثِهِ) أَيْ الْوَاقِفِ الَّذِي انْتَقَلَ لَهُ مِلْكُ الْوَقْفِ دُونَ مَنَافِعِهِ (مَنْعُ مَنْ) أَيْ شَخْصٍ (يُرِيدُ إصْلَاحَهُ) أَيْ الْوَقْفَ الْمُحْتَاجَ لِلْإِصْلَاحِ. " غ " بِهَذَا قَطَعَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَعْبَانَ، وَوَجَّهَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْحَبْسَ مَمْلُوكٌ لِمُحَبِّسِهِ وَكُلُّ مَمْلُوكٍ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ مَالِكِهِ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِدُونِ إذْنِ مَالِكِهِ.
ابْنُ عَرَفَةَ الْجَارِي عِنْدِي فِي هَذَا عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ التَّفْصِيلُ بِأَنَّ خَرَابَهُ إنْ كَانَ لِحَادِثٍ نَزَلَ بِهِ دَفْعَةً كَوَابِلِ مَطَرٍ أَوْ شِدَّةِ رِيحٍ أَوْ صَاعِقَةٍ، فَالْحُكْمُ كَمَا قَالُوا، وَإِنْ كَانَ يَتَوَالَى عَدَمَ إصْلَاحِ مَا يَنْزِلُ بِهِ مِنْ انْهِدَامِ شَيْءٍ بَعْدَ شَيْءٍ، وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ يَسْتَعْلِ بَاقِيهِ كَحَالِ بَعْضِ أَهْلِ وَقْتِنَا مِنْ أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ يَأْخُذُونَ غَلَّتَهَا وَيَدَّعُونَ إصْلَاحَهَا حَتَّى يَتَوَالَى عَلَيْهَا غَلَّتَهَا وَيَدَّعُونَ إصْلَاحَهَا حَتَّى يَتَوَالَى عَلَيْهَا الْخَرَابُ الَّذِي يُذْهِبُ كُلَّ مَنْفَعَتِهَا أَوْ جُلَّهَا، فَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute