للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يَضُرَّ جَهْلُهُ بِقَدْرِهِ؛

وَوَجَبَ أَخْذُهُ لِخَوْفِ خَائِنٍ:

ــ

[منح الجليل]

ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَعْدَلُهَا عِنْدِي. ثَالِثُهَا وَهُوَ إنْ ادَّعَى الْجَهْلَ اُسْتُبْرِئَ أَمْرُهُ وَإِنْ ادَّعَى الْغَلَطَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَتَعَقَّبَ الْبِسَاطِيُّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِأَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ، وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ، وَالثَّانِي قَوْلُهُ لَا إنْ غَلِطَ مَعْنَاهُ لَا يَسْتَوْنِي، وَهَذَا صَادِقٌ بِأَنَّهَا لَا تُدْفَعُ لَهُ، وَبِتَعْجِيلِ دَفْعِهَا لَهُ وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ. وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِجَعْلِ أَلْ فِي الْوَاحِدَةِ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ، أَيْ مِنْ الْمَشْدُودِ فِيهِ وَالْمَشْدُودِ بِهِ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْقَرِينَةَ عَلَى إرَادَةِ عَدَمِ دَفْعِهَا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ، فَإِنَّهُ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ.

(وَلَمْ) الْأَوْلَى لَا (يَضُرَّ جَهْلُهُ) أَيْ مُدَّعِي اللُّقَطَةِ (بِقَدْرِهِ) أَيْ الْمَالِ الْمُلْتَقَطِ إذَا عَرَفَ عِفَاصَهُ وَوِكَاءَهُ أَوْ أَحَدَهُمَا وَجَهِلَ الْآخَرَ وَلَمْ يَأْتِ غَيْرُهُ مَعَ الِاسْتِينَاءُ ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا جَهْلُهُ بِالْعَدَدِ فَلَا يَضُرُّهُ إذَا عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ، وَكَذَلِكَ غَلَطُهُ فِيهِ بِالزِّيَادَةِ لَا يَضُرُّهُ، وَاخْتُلِفَ فِي غَلَطِهِ بِالنُّقْصَانِ

(وَوَجَبَ أَخْذُهُ) أَيْ الْمَالِ الَّذِي وُجِدَ فِي غَيْرِ حِرْزِهِ وَخِيفَ ضَيَاعُهُ إنْ تُرِكَ فِي مَحَلِّهِ (لِخَوْفِ) أَخْذِ شَخْصٍ (خَائِنٍ) فِيهِ بِتَمَلُّكِهِ لِأَنَّ حِفْظَ مَالِ الْغَيْرِ وَاجِبٌ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي حُكْمِ أَخْذِ اللُّقَطَةِ اضْطِرَابٌ.

ابْنُ رُشْدٍ يَلْزَمُ أَنْ يُؤْخَذَ اللَّقِيطُ وَلَا يُتْرَكَ لِأَنَّهُ إنْ تُرِكَ ضَاعَ وَهَلَكَ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي لُقَطَةِ الْمَالِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ اللُّقَطَةُ بَيْنَ قَوْمٍ مَأْمُونِينَ وَالْإِمَامُ عَدْلٌ لَا يَخْشَى أَنْ يَأْخُذَهَا إنْ عَلِمَهَا بَعْدَ تَعْرِيفِهِ إيَّاهَا وَأَمَّا إنْ كَانَتْ بَيْنَ قَوْمٍ غَيْرِ مَأْمُونِينَ وَالْإِمَامُ عَدْلٌ فَأَخْذُهَا وَاجِبٌ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَ قَوْمٍ مَأْمُونِينَ، وَالْإِمَامُ غَيْرُ عَدْلٍ، لَكَانَ الِاخْتِيَارُ أَنْ لَا يَأْخُذَهَا قَوْلًا وَاحِدًا، وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَ قَوْمٍ مَأْمُونِينَ وَالْإِمَامُ عَدْلٌ لَكَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَخْذِهَا وَتَرْكِهَا وَذَلِكَ بِحَسَبِ مَا يَغْلِبُ عَلَيْهِ ظَنُّهُ مِنْ أَكْثَرِ الْخَوْفَيْنِ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا عَدَا لُقَطَةَ الْحَاجِّ، لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا مَخَافَةَ أَنْ لَا يَجِدَ رَبَّهَا لِتَفَرُّقِ الْحُجَّاجِ إلَى بُلْدَانِهِمْ، فَإِنْ الْتَقَطَهَا وَجَبَ فِي تَعْرِيفِهَا مَا يَجِبُ فِيمَا سِوَاهَا.

اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَتْ بَيْنَ نَاسٍ غَيْرِ مَأْمُونِينَ وَجَبَ حِفْظُهَا لِأَنَّ حِفْظَ أَمْوَالِ النَّاسِ وَأَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>