للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا إنْ عَلِمَ خِيَانَتَهُ هُوَ فَيَحْرُمُ؛ وَإِلَّا كُرِهَ عَلَى الْأَحْسَنِ

ــ

[منح الجليل]

لَا تَضِيعُ وَاجِبٌ، وَيَجِبُ أَخْذُهُ لِخَوْفِ خَائِنٍ إنْ عَلِمَ وَاجِدُهُ أَمَانَةَ نَفْسِهِ (لَا إنْ عَلِمَ) وَاجِدُهُ (خِيَانَتَهُ) أَيْ وَاجِدِ الْمَالِ (هُوَ) تَأْكِيدٌ لِلْمَاءِ بِتَمَلُّكِهِ وَعَدَمِ تَعْرِيفِهِ (فَيَحْرُمُ) عَلَيْهِ أَخْذُهُ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وُجُوبَ أَخْذِهَا وَتَرْكِ الْخِيَانَةِ، وَلَا يَكُونُ عِلْمُهُ خِيَانَةَ نَفْسِهِ عُذْرًا مُسْقِطًا عَنْهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ حِفْظِ مَالِ الْغَيْرِ وَاسْتَحْسَنَهُ الْحَطّ، وَنَصُّهُ وَالْأَظْهَرُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْحِفْظِ أَنْ يَجِبَ الِالْتِقَاطُ، وَلَا يُعَدُّ عِلْمُهُ خِيَانَةَ نَفْسِهِ مَانِعًا، وَأَحْرَى خَوْفُهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ الْخِيَانَةِ وَحِفْظُ الْمَالِ الْمَعْصُومِ، وَقُصَارَى الْأَمْرِ أَنَّ مَنْ عَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ وُجُوبُ الْحِفْظِ وَحْدَهُ، وَمَنْ عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ أَوْ شَكَّ فِيهَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَمْرَانِ الْحِفْظُ وَتَرْكُ الْخِيَانَةِ وَبَعْدَ تَسْلِيمِ هَذَا فَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الِاسْتِحْبَابُ أَوْ الْوُجُوبُ لَوْ قِيلَ بِهِ لِوُجُوبِ إعَانَةِ الْمُسْلِمِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهَا اهـ. الْحَطّ كَلَامُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَسَنٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا مِنْ خَائِنٍ وَعَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ (كُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَخْذُهُ (عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَكَذَا خَوْفُ الْخَائِنِ مَعَ شَكِّهِ فِي أَمَانَةِ نَفْسِهِ.

طفي عِبَارَة الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَاصِرَةٌ عَنْ تَحْرِيرِ الْمَسْأَلَةِ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ وَالِالْتِقَاطُ حَرَامٌ عَلَى مَنْ عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ، وَمَكْرُوهٌ لِلْخَائِفِ. وَفِي الْمَأْمُونِ الِاسْتِحْبَابُ وَالْكَرَاهَةُ وَالِاسْتِحْبَابُ فِيمَا لَهُ بَالٌ وَالْوُجُوبُ إنْ خَافَ عَلَيْهَا الْخَوَنَةَ.

خَلِيلٌ الْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ:

الْأَوَّلُ أَنْ يَعْلَمَ مِنْ نَفْسِهِ الْخِيَانَةَ فَيَحْرُمُ الْتِقَاطُهَا.

الثَّانِي أَنْ يَخَافَ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فَيُكْرَهُ.

الثَّالِثُ أَنْ يَثِقَ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ، وَهَذَا يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ إمَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهَا الْخَوَنَةَ أَمْ لَا، فَإِنْ خَافَ وَجَبَ عَلَيْهِ الِالْتِقَاطُ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ فَالثَّلَاثَةُ الْأَقْوَالِ وَكُلُّهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَصْلُهُ كُلُّهُ لِلَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ، فَيَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ وُجُوبَ الْتِقَاطِهَا لِخَوْفِ خَائِنٍ لِلْمَأْمُونِ وَحُرْمَتَهُ عَلَى مَنْ عَلِمَ الْخِيَانَةَ مِنْ نَفْسِهِ مُطْلَقًا خَافَ عَلَيْهَا الْخَوَنَةَ أَمْ لَا، فَقَوْلُهُ وَوَجَبَ أَخْذُهُ لِخَوْفِ خَائِنٍ أَيْ مَعَ ثِقَتِهِ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا كُرِهَ النَّفْيُ بِلَا مَنْصِبٍ عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ، أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْخَوَنَةَ وَلَا عَلِمَهَا مِنْ نَفْسِهِ كُرِهَ وَنَفْيُ عِلْمِهَا يَصْدُقُ بِالْخَوْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>