للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَعْرِيفُهُ سَنَةً، وَلَوْ كَدَلْوٍ

ــ

[منح الجليل]

مِنْ نَفْسِهِ وَثِقَتِهِ بِهَا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْأَوَّلَ اقْتَصَرَ فِيهِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَكَذَا الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ كَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَفِي الثَّانِي هِيَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَتَقْرِيرُ تت بِعَزْوِهِ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَاسْتِحْسَانُ بَعْضِهِمْ هُوَ فِي الثَّانِي فَقَطْ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ، فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إجْمَالٌ لِأَنَّ الِاسْتِحْسَانَ فِي بَعْضِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ كَلَامُهُ غَيْرُ مُبَيَّنٍ، ثُمَّ قَالَ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الْوُجُوبِ بِعَدَالَةِ الْإِمَامِ وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا تَفْصِيلٌ تَرَكْنَاهُ خَوْفَ الطُّولِ.

(وَ) وَجَبَ (تَعْرِيفُهُ) أَيْ الْمَالِ الْمُلْتَقَطِ (سَنَةً) فَوْرًا مِنْ حِينِ أَخْذِهِ، فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ الْتَقَطَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ حُلِيًّا مَصُوغًا أَوْ عُرُوضًا أَوْ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَلْيُعَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا أَخَذَهَا وَإِلَّا فَلَا آمُرُهُ بِأَكْلِهَا كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ دِرْهَمًا فَصَاعِدًا إلَّا أَنْ يُحِبَّ بَعْدَ السَّنَةِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا، وَيُخَيَّرُ صَاحِبُهَا إنْ جَاءَ فِي أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَوَابُهَا أَوْ يَغْرَمَهَا لَهُ فِعْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَكْرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا قَبْلَ السَّنَةِ إلَّا الشَّيْءَ التَّافِهَ الْيَسِيرَ. أَبُو الْحَسَنِ الْكَرَاهَةُ هُنَا عَلَى الْمَنْعِ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ.

اللَّخْمِيُّ إنْ أَمْسَكَهَا سَنَةً وَلَمْ يُعَرِّفْهَا ثُمَّ عَرَّفَهَا فَتَلِفَتْ ضَمِنَ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقَيَّدَ بِالسَّنَةِ.

وَيَجِبُ التَّعْرِيفُ سَنَةً إنْ كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (كَدَلْوٍ) وَمِخْلَاةٍ فَلَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ التَّعْرِيفِ سَنَةً بَيْنَ الْكَثِيرِ وَالْيَسِيرِ عَلَى ظَاهِرِ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ أَنَّ الْيَسِيرَ يُعَرَّفُ أَيَّامًا بِمَظَانِّ طَلَبِهِ. فِيهَا سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي لُقَطَةٍ مِثْلِ الدَّلْوِ وَالْحَبْلِ وَالْمِخْلَاةِ وَشِبْهِ ذَلِكَ إنْ وُجِدَ بِطَرِيقٍ وُضِعَ بِأَقْرَبِ مَوْضِعٍ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بِمَدِينَةٍ انْتَفَعَ بِهِ وَعَرَّفَهُ بِهِ وَالصَّدَقَةُ بِهِ أَحَبُّ إلَيَّ. ابْنُ رُشْدٍ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ أَقْسَامِ اللُّقَطَةِ هُوَ مَا يُخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفُ إنْ تُرِكَ، وَيَبْقَى فِي يَدِ مُلْتَقِطِهِ إنْ الْتَقَطَهُ، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا جِدًّا لَا بَالَ لَهُ وَلَا قَدْرَ لَقِيمَتِهِ، وَيَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَطْلُبُهُ لِتَفَاهَتِهِ، فَإِنَّ هَذَا لَا يُعَرَّفُ وَهُوَ لِوَاجِدِهِ إنْ شَاءَ أَكَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهِ، أَصْلُهُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَرَّ بِتَمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ لَوْلَا أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتهَا» وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا تَعْرِيفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>