للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَافِهًا؛ بِمَظَانِّ طَلَبِهَا: بِكَبَابِ مَسْجِدٍ، فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمِنْ يَثِقُ بِهِ

ــ

[منح الجليل]

وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِي الَّذِي يَجِدُ السَّوْطَ وَالْعَصَا أَنَّهُ يُعَرِّفُهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا إلَّا أَنَّ لَهُ قَدْرًا وَمَنْفَعَةً، وَقَدْ يَشِحُّ بِهِ صَاحِبُهُ وَيَطْلُبُهُ، فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ تَعْرِيفِهِ. وَظَاهِرُ مَا حَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُعَرِّفُ سَنَةً. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ إنَّمَا يُعَرِّفُهُ أَيَّامًا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ.

(لَا) يَجِبُ أَنْ يُعَرِّفَ مَالًا (تَافِهًا) لَا تَلْتَفِتُ النُّفُوسُ إلَيْهِ كَفَلْسٍ وَتَمْرَةٍ وَكِسْرَةٍ وَهُوَ لِوَاجِدِهِ إنْ شَاءَ أَكَلَهُ وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهِ وَيَكُونُ التَّعْرِيفُ (بِمَظَانِّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِعْجَامِ الظَّاءِ وَشَدِّ النُّونِ، أَيْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُظَنُّ أَنَّ صَاحِبَ اللُّقَطَةِ يَطْلُبُهَا بِهَا (بِكَبَابِ مَسْجِدٍ) فِيهَا يُعَرِّفُ اللُّقَطَةَ حَيْثُ وَجَدَهَا وَعَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ. ابْنُ الْقَاسِمِ يُعَرِّفُ حَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهَا هُنَاكَ أَوْ خَبَرَهُ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى أَمْرِ الْإِمَامِ. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَنْدُوبٌ إلَى فِعْلِ الْخَيْرِ وَالْإِعَانَةِ عَلَيْهِ وَهَذَا مِنْهُ سَمِعَ الْقَرِينَانِ أَيُعَرِّفُ اللُّقَطَةَ فِي الْمَسْجِدِ؟ فَقَالَ مَا أُحِبُّ رَفْعَ الصَّوْتِ فِي الْمَسَاجِدِ، وَإِنَّمَا أَمَرَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ تُعَرَّفَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَلَوْ مَشَى هَذَا الَّذِي وَجَدَهَا إلَى الْخَلْقِ فِي الْمَسْجِدِ يُخْبِرُهُمْ بِهَا وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا. وَفِي التَّمْهِيدِ التَّعْرِيفُ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ فِيمَا عَلِمْت لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْأَسْوَاقِ وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الْعَامَّةِ وَاجْتِمَاعِ النَّاسِ.

وَيُعَرِّفُهُ (فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ) مِنْ الْأَيَّامِ مَرَّةً، رَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَنْبَغِي لِلَّذِي يُعَرِّفُ اللُّقَطَةَ أَنْ لَا يُرِيَهَا أَحَدًا وَلَا يُسَمِّيَهَا بِعَيْنِهَا وَيُعَمِّيَ بِهَا لِئَلَّا يَأْتِيَ مُتَحَيِّلٌ فَيَصِفَهَا بِصِفَةِ الْمُعَرِّفِ فَيَأْخُذَهَا وَلَيْسَتْ لَهُ، وَلْيُعَرِّفْهَا بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدَعَ صَنْعَتَهُ وَيُعَرِّفُهَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ التَّعْرِيفِ، وَيُعَرِّفُهُ (بِنَفْسِهِ) أَيْ وَاجِدِ الْمَالِ (أَوْ بِمَنْ) أَيْ شَخْصٍ أَوْ الشَّخْصِ الَّذِي (يَثِقُ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ فَقَافٌ، أَيْ يَطْمَئِنُّ (بِهِ) قَلْبُهُ وَيَعْتَقِدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>