للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

الْحَطّ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ لَمْ يَقُلْهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ، وَمَنْ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَبَعْدَ أَنْ حَازَهَا وَبَانَ بِهَا رَدَّهَا لِمَوْضِعِهَا أَوْ غَيْرِهِ ضَمِنَهَا، فَإِنْ رَدَّهَا فِي مَوْضِعِهَا مِنْ سَاعَتِهِ كَمَنْ مَرَّ فِي إثْرِ رَجُلٍ فَوَجَدَ شَيْئًا فَأَخَذَهُ وَصَاحَ بِهِ أَهَذَا لَك فَقَالَ لَا فَتَرَكَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ الْإِمَامُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي وَاجِدِ كِسَاءٍ بِإِثْرِ رُفْقَةٍ فَأَخَذَهُ وَصَاحَ أَهَذَا لَكُمْ فَقَالُوا لَا فَرَدَّهُ، قَالَ قَدْ أَحْسَنَ فِي رَدِّهِ وَلَا يَضْمَنُهُ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ لِيُعَرِّفَهَا اُنْظُرْ هَلْ تَعْرِيفًا عَامًّا الَّذِي هُوَ السَّنَةُ، أَوْ تَعْرِيفًا خَاصًّا كَوَاجِدِ الْكِسَاءِ، ثُمَّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَهَلْ تُوجِبُ النِّيَّةُ بِمُجَرَّدِهَا شَيْئًا أَوْ لَا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تُوجِبُ شَيْئًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ» ، فَمَنْ نَوَى قُرْبَةً فَلَا تَلْزَمُهُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ إلَّا أَنْ يُقَارِنَهَا قَوْلٌ كَالنَّذْرِ أَوْ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يَتَجَزَّأُ كَصَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ فَهَذَا يَلْزَمُ إتْمَامُهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَجَزَّأُ كَالْجِوَارِ وَقِرَاءَةِ أَحْزَابٍ فَمَا شَرَعَ فِيهِ لَزِمَ وَمَا لَمْ يَأْتِ لَيْسَ فِيهِ إلَّا مُجَرَّدُ النِّيَّةِ فَلَا يَلْزَمُهُ، وَالتَّعْرِيفُ مِمَّا يَتَجَزَّأُ فَلَيْسَ فِيمَا يَأْتِي إلَّا مُجَرَّدُ النِّيَّةِ اهـ.

وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ أَيْ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ إذَا نَوَى لَمَّا وَجَدَ اللُّقَطَةَ أَخَذَهَا تَمَلُّكًا، وَهَذِهِ النِّيَّةُ قَبْلَ أَخْذِهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا صَارَ كَالْغَاصِبِ، فَإِنْ قُلْت حَمَلْت اللَّفْظَ عَلَى مَا لَا يَحْتَمِلُ، قُلْت بَلْ يَحْتَمِلُ، وَغَايَةُ مَا يُورَدُ أَنِّي غَيَّرْت الْأَخْذَ حَتَّى يَصِحَّ الْمَعْنَى الْمَنْصُوصُ، وَقَدَّرْت مُضَافًا مَحْفُوظًا بَعْدَ قَبْلُ، أَيْ قَبْلَ قَبْضِهَا لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَمَا حَمَلَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ أَوَّلًا لَا يَصِحُّ مَعْنًى وَلَا نَقْلًا. اهـ. فَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِي قَوْلِهِ، وَظَاهِرُ إلَخْ وَاحْتِجَاجَهُ بِكَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ يَجِبُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اتِّفَاقًا فَيَبْقَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا الْبِسَاطِيُّ فَأَوَّلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لِيُوَافِقَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ الضَّمَانَ إذَا أَخَذَهَا بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهَا. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهِيَ أَمَانَةٌ مَا لَمْ يَنْوِ اخْتِزَالَهَا فَتَصِيرَ كَالْمَغْصُوبِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي أَنَّ اللُّقَطَةَ بِيَدِ مُتَلَقِّطِهَا عَلَى حُكْمِ الْأَمَانَةِ بِمُقْتَضَى حُكْمِ الشَّرْعِ، وَإِنْ كَانَ قَبَضَهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا مَا لَمْ يَنْوِ اغْتِيَالًا وَغَصْبًا، فَإِنْ نَوَاهُ ضَمِنَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>