وَرَدَّهَا بَعْدَ أَخْذِهَا لِلْحِفْظِ، إلَّا بِقُرْبٍ: فَتَأْوِيلَانِ.
ــ
[منح الجليل]
وَالْمُرَادُ بِالْعَقْدِ عَقْدُ الصَّرْفِ فَظَهَرَ، أَنَّ الصَّوَابَ التَّقْرِيرُ الثَّانِي وَلِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ كَذَلِكَ مَفْرُوضَةٌ فَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ مَغْصُوبَةٌ فِي يَدِ مَنْ أَخَذَهَا بِقَصْدِ الِاخْتِزَالِ. الْبُنَانِيُّ بَلْ الظَّاهِرُ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَ " ح " لِأَنَّ نِيَّةَ الِاغْتِيَالِ هُنَا لَمْ تَتَجَرَّدْ، بَلْ قَارَنَهَا الْكَفُّ عَنْ التَّعْرِيفِ وَلَا حُجَّةَ لطفي فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ بَعْدُ لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ فِي نِيَّةِ تَمَلُّكِهَا بَعْدَ السَّنَةِ وَالنِّيَّةُ حِينَئِذٍ مُجَرَّدَةٌ عَنْ تَغَيُّرِ وَصْفِ الْيَدِ لِأَنَّهُ بِمُضِيِّ السَّنَةِ سَقَطَ عَنْهُ التَّعْرِيفُ، فَتَمَسُّكُهُ بِهِ غَفْلَةٌ وَاضِحَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَ) كَ (رَدَّهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ لِمَوْضِعِهَا الَّذِي وُجِدَتْ بِهِ وَأَوْلَى لِغَيْرِهِ (بَعْدَ أَخْذِهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ (لِلْحِفْظِ) وَالتَّعْرِيفِ وَطُولِ الزَّمَانِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فَتَلِفَتْ فَيَضْمَنُهَا وَهَذَا فِي أَخْذِهَا الْمَكْرُوهِ لَا الْوَاجِبِ لِضَمَانِهَا بِمُجَرَّدِ تَرْكِهَا وَلَا الْحَرَامِ لِضَمَانِهَا بِأَخْذِهَا إنْ لَمْ يَرُدَّهَا لِمَكَانِهَا، فَإِنْ رَدَّهَا لَهُ فَلَا يَضْمَنُهَا لِوُجُوبِ رَدِّهَا حِينَئِذٍ (إلَّا) رَدَّهَا بَعْدَ أَخْذِهَا لِلْحِفْظِ (بِقُرْبٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ مِنْ وَقْتِ أَخْذِهَا (فَ) فِي ضَمَانِهَا إذَا تَلِفَتْ وَعَدَمِهِ (تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ رُشْدٍ، وَالثَّانِي لِلَّخْمِيِّ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَبَعْدَ أَنْ حَازَهَا وَبَانَ بِهَا رَدَّهَا لِمَوْضِعِهَا أَوْ لِغَيْرِهِ ضَمِنَهَا، وَأَمَّا إنْ رَدَّهَا فِي مَوْضِعِهَا مَكَانَهُ مِنْ سَاعَتِهِ كَمَنْ مَرَّ فِي إثْرِ رَجُلٍ فَوَجَدَ شَيْئًا فَأَخَذَهُ وَصَاحَ بِهِ أَهَذَا لَك فَقَالَ لَا فَتَرَكَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي وَاجِدِ الْكِسَاءِ فِي إثْرِ رُفْقَةٍ فَأَخَذَهُ وَصَاحَ بِهِ أَهَذَا لَكُمْ فَقَالُوا لَا فَرَدَّهُ، قَالَ قَدْ أَحْسَنَ فِي رَدِّهِ فَلَا يَضْمَنُ.
أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ لِيُعَرِّفَهَا اُنْظُرْ هَلْ تَعْرِيفًا عَامًّا الَّذِي هُوَ السَّنَةُ، أَوْ تَعْرِيفًا خَاصًّا كَوَاجِدِ الْكِسَاءِ. عِيَاضٌ اخْتَلَفَ تَأْوِيلُ الشُّيُوخِ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقِيلَ إنَّ الثَّانِيَةَ بِخِلَافِ الْأُولَى، وَأَنَّهُ ضَمِنَهُ فِي الْأُولَى لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِنِيَّةِ التَّعْرِيفِ فَلَزِمَهُ حِفْظُهَا، وَالثَّانِيَةُ لَمْ يَأْخُذْهَا بِنِيَّةِ التَّعْرِيفِ فَالْقُرْبُ وَالْبُعْدُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ، وَحَكَى هَذَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَتَأَوَّلَ آخَرُونَ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذَا رَدَّهَا بِالْقُرْبِ، وَقَدْ أَخَذَهَا بِنِيَّةِ تَعْرِيفِهَا وَإِلَيْهِ نَحَا اللَّخْمِيُّ، فَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ مَنْ أَخَذَ لُقَطَةً الْمَسْأَلَةَ اُخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِهِ، فَذَهَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute