للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذُو الرِّقِّ كَذَلِكَ، وَقَبْلَ السَّنَةِ فِي رَقَبَتِهِ

ــ

[منح الجليل]

بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا ضَمِنَهُ فِي الْأُولَى إذَا لَمْ يَرُدَّهَا بِالْقُرْبِ لِقَوْلِهِ فَبَعْدَ أَنْ حَازَهَا وَبَانَ بِهَا وَلَمْ يَضْمَنْهُ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ رَدَّهَا بِالْقُرْبِ، وَهَذَا تَأْوِيلُ اللَّخْمِيِّ، وَذَهَبَ غَيْرُهُ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا ضَمِنَهُ فِي الْأُولَى لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِنِيَّةِ تَعْرِيفِهَا فَلَزِمَهَا حِفْظُهَا فَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَالثَّانِيَةُ لَمْ يَأْخُذْهَا بِنِيَّةِ التَّعْرِيفِ الْعَامِّ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ رُشْدٍ.

الشَّيْخُ وَهَلْ تُوجِبُ النِّيَّةُ بِمُجَرَّدِهَا شَيْئًا أَمْ لَا؟ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تُوجِبُ شَيْئًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ» ، فَمَنْ نَوَى قُرْبَهُ فَلَا تَلْزَمُهُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ إلَّا أَنْ يُقَارِنَهَا قَوْلٌ كَالنَّذْرِ أَوْ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ، ثُمَّ هَذَا الْعَمَلُ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَتَجَزَّأُ كَصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ فَهَذَا يَلْزَمُ إتْمَامُهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، وَإِمَّا أَنْ يَتَجَزَّأَ كَالْجِوَارِ وَقِرَاءَةِ أَحْزَابٍ، فَمَا شَرَعَ فِيهِ لَزِمَ، وَمَا لَمْ يَأْتِ لَيْسَ فِيهِ إلَّا مُجَرَّدُ النِّيَّةِ فَلَا يَلْزَمُ. وَالتَّعْرِيفُ مِمَّا يَتَجَزَّأُ فِيمَا يَأْتِي إلَّا مُجَرَّدَ النِّيَّةِ فَانْظُرْهُ. اهـ. فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ إمَّا أَنْ يَأْخُذَهَا بِنِيَّةِ تَعْرِيفِهَا، وَإِمَّا بِنِيَّةِ اغْتِيَالِهَا، وَإِمَّا بِنِيَّةِ سُؤَالٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ يَرُدَّهَا، فَفِي الثَّالِثِ يُفَرَّقُ بَيْنَ رَدِّهَا بِبُعْدٍ فَيَضْمَنُ وَبِقُرْبٍ فَلَا يَضْمَنُ، وَفِي الثَّانِي رَدُّهَا وَاجِبٌ فَلَا ضَمَانَ بِهِ مُطْلَقًا، وَفِي الْأَوَّلِ يَضْمَنُ إنْ رَدَّهَا بِبُعْدٍ، وَفِي الْقُرْبِ تَأْوِيلَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَذُو) أَيْ صَاحِبُ (الرِّقِّ) أَيْ الشَّخْصِ الْمُتَّصِفِ بِالرِّقِّيَّةِ قِنًّا كَانَ أَوْ ذَا شَائِبَةٍ حُكْمُهُ فِي الْتِقَاطِ اللُّقَطَةِ وَتَعْرِيفِهَا سَنَةً وَفِعْلِهِ بِهَا مَا يَشَاءُ بَعْدَهَا (كَذَلِكَ) أَيْ الْحُرِّ (وَ) إنْ تَمَلَّكَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا (قَبْلَ) تَمَامِ (السَّنَةِ فَ) هِيَ (فِي رَقَبَتِهِ) فَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ إسْقَاطُهَا عَنْهُ لِأَنَّ رَبَّهَا لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَيْهَا، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ فِدَائِهِ بِعِوَضِهَا وَإِسْلَامِهِ فِيهَا، وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ تَعْرِيفِهَا لِأَنَّهُ لَا يَشْغَلُهُ عَنْ خِدْمَتِهِ.

وَمَفْهُومُ قَبْلَ السَّنَةِ أَنَّهَا بَعْدَهَا فِي ذِمَّتِهِ كَالْحُرِّ وَهُوَ كَذَالِك. اللَّخْمِيُّ إذَا الْتَقَطَ الرَّقِيقُ لُقَطَةً عَرَّفَهَا وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ فِيهَا، فَإِنْ اسْتَهْلَكَهَا قَبْلَ السَّنَةِ كَانَتْ فِي رَقَبَتِهِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهَا بَعْدَهَا فَلَا تَكُونُ إلَّا فِي ذِمَّتِهِ ابْنُ يُونُسَ وَلَيْسَ لِمَوْلَاهُ إسْقَاطُهَا عَنْهُ لِأَنَّ صَاحِبَهَا لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَيْهَا وَلَوْلَا الشُّبْهَةُ لَكَانَتْ فِي رَقَبَتِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ جَعَلَهَا بَعْدَ السَّنَةِ فِي ذِمَّتِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنُك بِهَا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>