. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَعَدَّهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَالْقَرَافِيُّ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَصِحُّ تَوْلِيَةُ الْجَاهِلِ وَيَجِبُ عَزْلُهُ وَأَحْكَامُهُ مَرْدُودَةٌ مَا لَمْ يُوَافِقْ الْحَقَّ مِنْهَا وَمَا وَافَقَهُ، وَسَيُصَرِّحُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهَا مَرْدُودَةٌ مَا لَمْ يُشَاوِرْ الْعُلَمَاءَ ثُمَّ إنَّهُ إذَا وُجِدَ مُجْتَهِدٌ وَجَبَتْ تَوْلِيَتُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَلَّى غَيْرُهُ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ إنْ تَوَلَّى الْمُقَلِّدُ مَعَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ جَائِرٌ، نَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ وَابْنُ فَرْحُونٍ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الِاجْتِهَادَ إنْ وُجِدَ لَيْسَ شَرْطًا خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ شَرْطٌ، وَإِنَّمَا الشَّرْطُ الْعِلْمُ، وَأَمَّا الِاجْتِهَادُ فَوَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ.
ابْنُ عَرَفَةَ جَعَلَ ابْنَ زَرْقُونٍ كَوْنَهُ عَالِمًا مِنْ الْقِسْمِ الْمُسْتَحَبِّ، وَكَذَا ابْنُ رُشْدٍ إلَّا أَنَّهُ عَبَّرَ عَنْهُ بِأَنْ يَكُونَ عَالِمًا يُسَوَّغُ لَهُ الِاجْتِهَادُ. وَقَالَ عِيَاضٌ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَالْمَازِرِيُّ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ عَالِمًا مُجْتَهِدًا أَوْ مُقَلِّدًا إنْ فُقِدَ الْمُجْتَهِدُ كَشَرْطِ كَوْنِهِ مُسْلِمًا حُرًّا، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ قَبُولُ الْمُقَلِّدِ الْوِلَايَةَ مَعَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ جَوْرٌ وَتَعَدٍّ، وَمَعَ عَدَمِ الْمُجْتَهِدِ جَائِزٌ، ثُمَّ قَالَ فَفِي صِحَّةِ تَوْلِيَةِ الْمُقَلِّدِ مَعَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ قَوْلَانِ لِابْنِ زَرْقُونٍ مَعَ ابْنِ رُشْدٍ وَعِيَاضٍ مَعَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَالْمَازِرِيِّ قَائِلًا هُوَ مَحْكِيُّ أَئِمَّتِنَا عَنْ الْمَذْهَبِ، وَمَعَ فَقْدِهِ جَائِزٌ، وَمَعَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ أَوْلَى اتِّفَاقًا فِيهِمَا. اهـ. فَانْظُرْ كَيْفَ عَزَا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ عَدَمَ صِحَّةِ وِلَايَةِ الْمُقَلِّدِ مَعَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ مَعَ نَقْلِهِ قَبْلَ هَذَا قَوْلَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ قَبُولُ الْمُقَلِّدِ الْوِلَايَةَ مَعَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ جَوْرٌ وَتَعَدٍّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَهِمَ مِنْ قَوْلِهِ جَوْرٌ وَتَعَدٍّ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ فَيَصِحُّ كَلَامُهُ، إلَّا أَنَّ الَّذِي يَتَبَادَرُ لِلْفَهْمِ مِنْ قَوْلِهِ جَوْرٌ وَتَعَدٍّ أَنَّهَا تَصِحُّ مَعَ التَّعَدِّي وَالْجَوْرِ، وَعَلَى مَا فَهِمَهُ ابْنُ عَرَفَةَ يَسْقُطُ الِاعْتِرَاضُ عَنْ الْمُصَنِّفِ، إذْ لَعَلَّهُ فَهِمَ ذَلِكَ مِنْهُ، فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَاشٍ عَلَى مَا عَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِعِيَاضٍ وَالْمَازِرِيِّ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ أَمْثَلُ مُقَلِّدٍ أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُجْتَهِدٌ فَمُقَلِّدٌ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَارَ أَعْلَمُ الْمُقَلِّدِينَ مِمَّنْ لَهُ فِقْهٌ نَفِيسٌ وَقُدْرَةٌ عَلَى التَّرْجِيحِ بَيْنَ أَقْوَالِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَيَعْلَمُ مَا هُوَ يَجْرِي عَلَى أَصْلِ إمَامِهِ مِمَّا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَمَنْ لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute