للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا أَحَلَّ حَرَامًا

ــ

[منح الجليل]

لَا أَحَلَّ) حُكْمُ الْحَاكِمِ (حَرَامًا) " غ " فِيهِ تَنْبِيهَانِ، الْأَوَّلُ عَبْدُ السَّلَامِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفُرُوجِ وَالْأَمْوَالِ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِيمَا حَكَى عَنْهُمْ أَبُو عُمَرَ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ لَا فِي الْفُرُوجِ اهـ وَهُوَ تَصْحِيفٌ. أَمَّا فِي نُسْخَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ الِاسْتِذْكَارِ وَأَمَّا فِي شَرْحِهِ هُوَ وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي نُسْخَةٍ مِنْ الِاسْتِذْكَارِ عَتِيقَةٍ مَقْرُوءَةٍ مُقَابَلَةٍ بِأَصْلِ مُؤَلِّفِهِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِمْ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ بِلَفْظِ أَصْحَابِهِمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ الْعَائِدِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَلَا يَصِحُّ غَيْرُهُ، إذْ لَا خِلَافَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَمْوَالِ وَالْفُرُوجِ كَمَا قَطَعَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا.

الثَّانِي: سُئِلَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِمَنْ أَقَامَ شَاهِدَيْ زُورٍ عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةٍ فَحَكَمَ لَهُ بِهِ، وَبِحُكْمِ الْحَنَفِيِّ لِمَالِكِيٍّ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ، أَمَّا الْمِثَالُ الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمَالِكِيِّ الْأَخْذُ بِهَذِهِ الشُّفْعَةِ لِاعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ مَا حَكَمَ لَهُ بِهِ الْقَاضِي، فَيَعُودُ الْأَمْرُ فِيهِ إلَى مَا قَبْلَهُ، هَكَذَا قَالُوا، وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ الظَّاهِرُ فِيهِ مُخَالِفٌ لِلْبَاطِنِ، وَلَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِكَذِبِ الشُّهُودِ لَمَا حَكَمَ بِهِمْ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْقَاضِي وَالْخَصْمَانِ عَلِمُوا مِنْ حَالِ الْبَاطِنِ مَا عَلِمُوا مِنْ حَالِ الظَّاهِرِ، وَالْمَسْأَلَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَحَكَمَ الْقَاضِي بِرَفْعِ الْخِلَافِ فَيَتَنَزَّلُ ذَلِكَ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الْخِلَافِ مَنْزِلَةَ الْإِجْمَاعِ، وَمَا هَذَا سَبِيلُهُ يَتَنَاوَلُ الظَّاهِرَ وَالْبَاطِنَ، وَاَلَّذِي قُلْنَاهُ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ السُّيُورِيِّ، وَعَلَى مَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ شَيْئًا فَنَقَلَهُ مِنْ مَكَانِهِ، وَكَانَ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يَفُوتُ بِنَقْلِهِ أَمْ لَا فَقَضَى الْقَاضِي لِرَبِّهِ بِأَخْذِهِ، وَكَانَ مَذْهَبُ رَبِّهِ أَنَّهُ يَفُوتُ وَتَجِبُ فِيهِ الْقِيمَةُ، فَعَلَى هَذَا لَيْسَ لِرَبِّهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ.

ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ كَذَا قَالُوا مَعَ عَزْوِهِ مَا ظَهَرَ لَهُ لِلسُّيُورِيِّ أَنَّ الْمَذْهَبَ هُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِقَوْلِ ابْنِ شَاسٍ إنَّمَا الْقَضَاءُ إظْهَارٌ لِحُكْمِ الشَّرْعِ لَا اخْتِرَاعٌ لَهُ فَلَا يَحِلُّ لِلْمَالِكِيِّ شُفْعَةُ الْجِوَارِ إنْ قَضَى لَهُ بِهَا حَنَفِيٌّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ.

الْمَازِرِيُّ فِي ائْتِمَامِ الشَّافِعِيِّ بِالْمَالِكِيِّ وَعَكْسُهُ الْإِجْمَاعُ عَلَى صِحَّتِهِ، وَاعْتَذَرَ عَنْ قَوْلِ أَشْهَبَ مَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ لَا يَرَى الْوُضُوءَ مِنْ الْقُبْلَةِ يُعِيدُ، وَفِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إنْ لَمْ يَبْلُغْ

<<  <  ج: ص:  >  >>