وَبِشَاهِدَيْنِ مُطْلَقًا.
ــ
[منح الجليل]
تَقْدِيرِ تَوْلِيَةِ قَاضِيَيْنِ بِمَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَلْزُومِيَّةَ الشَّيْءِ لِلشَّيْءِ لَا تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْمَلْزُومِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي شَرْطِ وَحْدَةِ الْقَاضِي مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ شَرْطُ وَحْدَتِهِ فَتَذَكَّرْهُ.
(أَوْ) أَنْهَى لِغَيْرِهِ (بِشَاهِدَيْنِ) عَلَى حُكْمِهِ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِمَا لَا يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُهُ عَلَى أَرْبَعَةٍ كَالزِّنَا. فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ لَا يَثْبُتُ كِتَابُ قَاضٍ لِقَاضٍ فِي الزِّنَا إلَّا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ عَلَى أَنَّهُ كِتَابُهُ. ابْنُ رُشْدٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ اثْنَانِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، يَجُوزُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي فِي الزِّنَا شَاهِدَانِ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَالنَّظَرُ. وَأَمَّا الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ فَلَا يَثْبُتُ بِهِمَا كِتَابُ قَاضٍ اتِّفَاقًا، فَسَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَثْبُتُ أَصْلُهُ بِأَرْبَعَةٍ كَالزِّنَا، أَوْ بِاثْنَيْنِ كَالنِّكَاحِ، أَوْ بِوَاحِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ كَالرَّضَاعِ، أَوْ بِوَاحِدٍ وَيَمِينٍ، أَوْ بِامْرَأَتَيْنِ، أَوْ بِوَاحِدٍ وَلَفِيفٍ، أَوْ بِوَاحِدٍ فَقَطْ، أَوْ بِامْرَأَةٍ فَقَطْ قَالَهُ تت.
طفي قَوْلُهُ أَوْ بِوَاحِدٍ وَلَفِيفٍ هَكَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا مِنْ صَغِيرِهِ وَكَبِيرِهِ، وَلَعَلَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ، إذْ لَيْسَ مَحَلٌّ يُشْتَرَطُ فِيهِ الشَّاهِدُ مَعَ اللَّفِيفِ. الْحَطّ قَوْلُهُ مُطْلَقًا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْحَاكِمِ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَلَوْ كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ مَالًا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي لَهُ فِي الشَّهَادَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِذَلِكَ، وَقَدْ نَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي الْمَالِ عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ وَتَبِعَهُ عج، وَأَطَالَ بِمَا يَمُجُّهُ السَّمْعُ وَيَنْفِرُ عَنْهُ الطَّبْعُ، وَهَذِهِ غَفْلَةٌ خَرَجَا بِهَا عَنْ أَقْوَالِ الْمَالِكِيَّةِ لِمُعَارَضَتِهِمَا بَيْنَ مَحَلَّيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَجُعِلَ أَحَدُهُمَا تَقْيِيدًا لِلْآخَرِ وَبَيْنَهُمَا بَوْنٌ كَمَا بَيْنَ الضَّبِّ وَالنُّونِ.
ابْنُ رُشْدٍ لَا يَثْبُتُ كِتَابُ قَاضٍ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ اتِّفَاقًا، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَقَرَّهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْإِنْهَاءِ: وَثُبُوتُ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ يَأْتِي فِي فَصْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَدَلَّ عَلَى تَخَالُفِهِمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي مُجَرَّدُ إشْهَادِ الْقَاضِي أَنَّهُ حُكْمُهُ أَوْ كِتَابُهُ فَيَشْهَدَانِ عَلَى إخْبَارِهِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى حُكْمِهِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ يَحْضُرُ حُكْمَهُ وَيَشْهَدُهُ، فَحِينَئِذٍ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute