وَأَنْهَى لِغَيْرِهِ بِمُشَافَهَةٍ، إنْ كَانَ كُلٌّ بِوِلَايَتِهِ،
ــ
[منح الجليل]
لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. اللَّخْمِيُّ لَوْ أَنْكَرَ الْحَاكِمُ وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الْحُكْمَ، وَقَالَ مَا حَكَمْت بِهَذَا فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِحُكْمِهِ بِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ تَنْفِيذُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ حَكَاهُ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ.
(وَ) إنْ تَرَافَعَ خَصْمَانِ لِقَاضٍ ثُمَّ انْتَقَلَا لِقَاضٍ آخَرَ قَبْلَ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ بَيْنَهُمَا (أَنْهَى) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْهَاءِ، أَيْ أَوْصَلَ الْقَاضِي الْأَوَّلُ (لِ) قَاضٍ (غَيْرِهِ) مَا حَصَلَ نِدّه (بِمُشَافَهَةٍ) أَيْ بِلَا وَاسِطَةٍ بَيْنَهُمَا (إنْ كَانَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بِوِلَايَتِهِ) أَيْ الْمَحَلِّ الْمُوَلَّى لِلْقَضَاءِ فِيهِ. ابْنُ شَاسٍ الرُّكْنُ الثَّالِثُ يَعْنِي فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فِي إنْهَاءِ الْحَاكِمِ إلَى الْقَاضِي الْآخَرِ، وَذَلِكَ بِالْإِشْهَادِ وَالْكِتَابِ وَالْمُشَافَهَةِ. أَمَّا الْمُشَافَهَةُ فَلَوْ شَافَهَ الْقَاضِي قَاضِيًا آخَرَ فَلَا يَكْفِي لِأَنَّ أَحَدَهُمَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَلَا يَنْفَعُ سَمَاعُهُ أَوْ إسْمَاعُهُ إذَا كَانَا قَاضِيَيْنِ لِبَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَتَنَادَيَا مِنْ طَرَفَيْ وِلَايَتِهِمَا فَذَلِكَ أَقْوَى مِنْ الشَّهَادَةِ فَيُعْتَمَدُ.
" غ " كَذَا لِابْنِ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ التَّابِعِ لِوَجِيزِ الْغَزَالِيِّ، وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَعْرِفْ مَنْ جَزَمَ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا قَالَ الْمَازِرِيُّ لَا شَكَّ أَنَّ ذِكْرَ الْقَاضِي ثُبُوتَ شَهَادَةٍ عِنْدَهُ عَلَى غَائِبٍ لَيْسَ بِقَضِيَّةٍ مَحْضَةٍ وَلَا نَقْلٍ مَحْضٍ، بَلْ هُوَ مَشُوبٌ بِالْأَمْرَيْنِ فَيُنْظَرُ أَوْلَاهُمَا بِهِ وَمِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا أَنَّ قَاضِيَيْنِ لَوْ قَضَيَا بِمَدِينَةٍ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُنْفِذُ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ فَأَخْبَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ شَهَادَةُ فُلَانٍ وَفُلَانٍ لِرَجُلَيْنِ بِالْبَلَدِ وَقَضَى بِثُبُوتِهِمَا، فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ كَنَقْلِ شَهَادَةٍ فَلَا يَكْتَفِي هَذَا الْقَاضِي الْمُخَاطَبُ بِأَنَّهُمْ شَهِدُوا عِنْدَ الْآخَرِ لِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُمْ حُضُورٌ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ كَقَضِيَّةِ الْقَاضِي فَالْقَاضِي الثَّانِي يُنْفِذُ مَا قَالَهُ الْأَوَّلُ، وَهَذَا قَدْ يُقَالُ فِيهِ أَيْضًا إذَا جَعَلْنَا قَوْلَ الْقَاضِي وَحْدَهُ، وَإِنْ كَانَ كَالنَّقْلِ يُكْتَفَى بِهِ لِحُرْمَةِ الْقَاضِي، فَلِذَا يَصِحُّ نَقْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ حَاضِرًا فَهَذَا مِمَّا يُنْظَرُ فِيهِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَهُ إلْزَامًا وَانْفِصَالًا فَانْظُرْهُ اهـ وَنَصُّهُ فَإِنْ قُلْت مُقْتَضَى قَوْلِ الْمَازِرِيِّ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ كَقَضِيَّةٍ فَالْقَاضِي الثَّانِي يُنْفِذُ مَا قَالَهُ الْأَوَّلُ صِحَّةُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ عَنْ الْمَذْهَبِ. قُلْت لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute