وَإِنْ شَهِدَا بِحُكْمٍ نَسِيَهُ أَوْ أَنْكَرَهُ: أَمْضَاهُ
ــ
[منح الجليل]
فِي مَجْلِسِهِ إذَا أَنْكَرَ قَبْلَ الْحُكْمِ، أَمَّا إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَنْكَرَ بَعْدَ حُكْمِهِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إذَا أَقَرَّ بَعْدَ أَنْ جَلَسَ لِلْخُصُومَةِ ثُمَّ أَنْكَرَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ يَحْكُمُ وَرَأَيَا أَنَّهُمَا إذَا جَلَسَا لِلْمُحَاكَمَةِ فَقَدْ رَضِيَا أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا بِمَا يَقُولَانِهِ، وَلِذَلِكَ قَصَدَ وَإِنْ لَمْ يُنْكِرْ حَتَّى حَكَمَ ثُمَّ أَنْكَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ. وَقَالَ مَا أَقْرَرْت بِشَيْءٍ فَلَا يُنْظَرُ لِإِنْكَارِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ. ابْنُ رُشْدٍ مَا أَقَرَّ بِهِ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ ثُمَّ جَحَدَهُ فَالِاخْتِلَافُ فِيهِ مَوْجُودٌ فِي الْمَذْهَبِ. مُحَمَّدٌ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِ مَالِكٍ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ الَّذِي عَلَيْهِ قُضَاتُنَا بِالْمَدِينَةِ وَعُلَمَاؤُنَا وَلَمْ أَعْلَمْ مَالِكًا قَالَ غَيْرَهُ أَنَّهُ يَقْضِي بِمَا أَقَرَّ بِهِ عِنْدَهُ وَقَالَهُ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ وَسَحْنُونٌ.
وَمَشْهُورُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ إذَا جَحَدَهُ، وَهَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ الْخِلَافَ، وَفِيهَا لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ عِنْدَهُ بِشَيْءٍ وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ ثُمَّ جَحَدَ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ، فَمَفْهُومُهَا لَوْ لَمْ يَجْحَدْ يَقْضِي عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْحَطّ بِقَوْلِ التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْخَصْمَ إذَا أَقَرَّ فَلَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ بِإِقْرَارِهِ وَمُقَابِلُهُ لَهُ ذَلِكَ، وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِيهِ لِحَمْلِهِ عَلَى إنْكَارِهِ بَعْدَ إقْرَارِهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا عَلِمْت، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ عَزْوُهُ مُقَابِلَ الْمَشْهُورِ لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ وَأَصْبَغُ، وَقَدْ عَلِمْت مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ خِلَافَهُمْ إذَا أَنْكَرَ إقْرَارَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ اهـ، وَأَقَرَّهُ الْبُنَانِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَإِنْ شَهِدَا) أَيْ الْعَدْلَانِ عَلَى الْقَاضِي (بِحُكْمٍ) صَدَرَ مِنْهُ وَقَدْ (نَسِيَهُ) أَيْ الْقَاضِي الْحُكْمَ أَمْضَاهُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (أَوْ) شَهِدَا عَلَيْهِ بِحُكْمٍ (أَنْكَرَهُ) أَيْ الْقَاضِي الْحُكْمَ (أَمْضَاهُ) أَيْ الْقَاضِي الْحُكْمَ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي التَّلْقِينِ إنْ نَسِيَ الْحَاكِمُ حُكْمًا حَكَمَ بِهِ، فَإِنْ شَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ بِهِ أَنْفَذَ شَهَادَتَهُمَا. الْمَازِرِيُّ هَذَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " خِلَافًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute