للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي تَمْكِينِ الدَّعْوَى لِغَائِبٍ بِلَا وَكَالَةٍ؟ تَرَدُّدٌ.

ــ

[منح الجليل]

الثَّانِي: تت الظَّاهِرُ أَنَّ الْعَمَلَ مُرَجِّحٌ لِلْقَوْلِ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ الْعُرْفُ عَامًّا فِي كُلِّ بَلَدٍ، وَأَمَّا إنْ اخْتَلَفَ الْعُرْفُ بِأَنْ جَرَى بِهِ الْعَمَلُ فِي بَلَدٍ وَجَرَى فِي آخَرَ بِغَيْرِهِ فَغَيْرُ وَاضِحٍ فَرُبَّ شَيْءٍ شَهِدَ الْعُرْفُ أَنَّهُ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ فِي بَلَدٍ وَشَهِدَ فِي آخَرَ أَنَّهُ لِلنِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ، وَرُبَّمَا اخْتَلَفَ الْعُرْفُ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعُمَّ. طفي كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَمَلَ بِشَيْءٍ هُوَ جَرَيَانُ الْعُرْفِ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ مُرَادُهُمْ بِقَوْلِهِمْ وَبِهِ الْعَمَلُ وَعُمِلَ بِهِ أَنَّ الْقَوْلَ حَكَمَتْ بِهِ الْأَئِمَّةُ وَجَرَيَانُ الْعُرْفِ بِالشَّيْءِ هُوَ عَمَلُ الْعَامَّةِ بِهِ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ حُكْمٍ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، كَقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ الْعُرْفُ عِنْدَنَا فِي ذَوَاتِ الْأَقْدَارِ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَخْرُجُ الدَّارَ، فَلَوْ اخْتَلَفَا فِيهَا لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ فِيهَا قَوْلَ الْمَرْأَةِ.

ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهَذَا الْبَابُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ تَابِعٌ لِلْعُرْفِ، فَرُبَّ مَتَاعٍ شَهِدَ الْعُرْفَ فِي بَلَدٍ أَوْ زَمَانٍ أَنَّهُ لِلرِّجَالِ، وَيَشْهَدُ فِي بَلَدٍ آخَرَ أَوْ زَمَنٍ آخَرَ أَنَّهُ لِلنِّسَاءِ، وَيَشْهَدُ فِي الزَّمَانِ الْوَاحِدِ وَالْمَكَانِ الْوَاحِدِ أَنَّهُ مِنْ مَتَاعِ النِّسَاءِ بِالنِّسْبَةِ إلَى قَوْمٍ وَمِنْ مَتَاعِ الرِّجَالِ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْمٍ آخَرِينَ، وَهَذَا كَمَا تَرَى لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ بِصَدَدِهِ مِنْ قَوْلِهِ، وَبِهِ الْعَمَلُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ عُمِلَ أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ مُطَرِّفٍ وَبِهِ جَرَى الْحُكْمُ فِي الْمَدِينَةِ، وَبِهِ حَكَمَ ابْنُ بَشِيرٍ بِالْأَنْدَلُسِ وَلَيْسَ هَذَا تَابِعًا لِلْعُرْفِ فِي شَيْءٍ.

(وَفِي تَمْكِينِ) شَخْصٍ مِنْ (الدَّعْوَى لِ) شَخْصٍ (غَائِبٍ) عَنْ الْبَلَدِ احْتِسَابًا (بِلَا وَكَالَةٍ) مِنْ الْغَائِبِ لَهُ فِي شَيْءٍ تَعَدَّى عَلَيْهِ أَوْ غَصْبٍ أَوْ ضَرَرٍ أَحْدَثَهُ جَارُهُ فِي دَارِهِ أَوْ أَرْضِهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَحْنُونٌ، وَعَدَمُ تَمْكِينِهِ مِنْهَا، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٍ، ثَالِثُهَا لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا إلَّا الْأَبُ وَالِابْنُ وَمَنْ لَهُ قَرَابَةٌ قَرِيبَةٌ، رَابِعُهَا يُمَكَّنُ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لَا مِنْ الْخُصُومَةِ، خَامِسُهَا يُمَكَّنُ الْقَرِيبُ وَالْأَجْنَبِيُّ مِنْ الْخُصُومَةِ فِي الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ دُونَ تَوْكِيلٍ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ إلَّا الْأَبُ وَالِابْنُ حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ (تَرَدُّدٌ) الْحَطّ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ إلَى الْخِلَافِ فِي الطَّرِيقِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي التَّوْضِيحِ، وَذَكَرَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>