للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعَدْلُ: حُرٌّ،

ــ

[منح الجليل]

لِثُبُوتِهَا بِامْرَأَةٍ وَبِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنَّ شَهَادَةَ الْوَاحِدِ فِيهَا تُوجِبُ يَمِينَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ.

(الْعَدْلُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الدَّالِ (حُرٌّ) بِضَمِّ الْحَاءِ لَا قِنٌّ اتِّفَاقًا وَلَا ذُو شَائِبَةٍ كَمُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ. يَحْيَى سَأَلَتْ ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ الْمَعْرُوفِ بِظُلْمِ النَّاسِ وَالتَّعَدِّي عَلَيْهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ مِنْ ذَوِي السَّلْطَنَةِ وَالْوُلَاةِ يَدَّعِي رَجُلٌ عَلَيْهِ أَنَّهُ ظَلَمَهُ فِي أَرْضٍ غَلَبَهُ عَلَيْهَا أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْأَمْوَالِ وَلَا يَجِدُ عَلَى دَعْوَاهُ عُدُولًا مِنْ الْبَيِّنَاتِ، وَيَجِدُ شُهُودًا لَا يُعْرَفُونَ بِعَدَالَةٍ وَلَا يُوصَفُونَ بِسَخْطَةٍ أَيُقْبَلُ مِثْلُ هَؤُلَاءِ عَلَيْهِ أَوْ لَا يُقْبَلُ عَلَيْهِ إلَّا مِثْلُ مَا يُقْبَلُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ عُدُولِ الشُّهَدَاءِ؟ فَقَالَ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ غَيْرِ الْعُدُولِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ ظَالِمًا أَوْ غَيْرَهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] ، فَلَا يَنْبَغِي لِغَيْرِ الْعُدُولِ أَنْ تَجُوزَ شَهَادَتُهُمْ عَلَى أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ وَهُوَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَعْلَمُهُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الشَّاهِدَ الْمَجْهُولَ الْحَالُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ حَتَّى يُعَدَّلَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢] ، أَيْ مَنْ عُرِفَتْ عَدَالَتُهُ غَيْرَ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ أَجَازَ شَهَادَةَ الْمَجْهُولِ الْحَالُ عَلَى التَّوَسُّمِ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَ الْمُسَافِرِينَ فِي السَّفَرِ لِلضَّرُورَةِ إلَيْهَا قِيَاسًا عَلَى شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنْ الْجِرَاحِ وَمُرَاعَاةً لِلِاخْتِلَافِ، إذْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ حَمَلَ الشَّاهِدَ عَلَى الْعَدَالَةِ حَتَّى تُعْرَفَ جُرْحَتُهُ لِظَاهِرِ قَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إلَّا مَجْلُودًا فِي حَدٍّ أَوْ مُجَرَّبًا عَلَيْهِ زُورٌ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَمَذْهَبُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَقَدْ اتَّفَقُوا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ فِيهَا لَا تَجُوزُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ عَدَالَةِ الشَّاهِدِ. وَمِنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ أَجَازَ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ الْمَجْهُولِ الْحَالِ فِي يَسِيرِ الْمَالِ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>