للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

{مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢] . وَقَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْسَرُ رَجُلٌ فِي الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ الْعُدُولِ اهـ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ نَصَّ فِي النَّوَادِرِ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي جِهَةٍ إلَّا غَيْرُ الْعُدُولِ أَقَمْنَا أَصْلَحَهُمْ وَأَقَلَّهُمْ فُجُورًا لِلشَّهَادَةِ، وَيَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي الْقَضَاءِ وَغَيْرِهِ لِئَلَّا تَضِيعَ الْمَصَالِحُ. قَالَ وَلَا أَظُنُّ أَحَدًا يُخَالِفُهُ فِي هَذَا، فَإِنَّ شَرْطَ التَّكْلِيفِ الْإِمْكَانُ. اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ رَاشِدٍ فِي مَذْهَبِهِ وَابْنِ عَبْدِ الْغَفُورِ فِي الِاسْتِغْنَاءِ، قَالَ إذَا كَانَ الْبَلَدُ لَا عُدُولَ فِيهِ فَإِنَّهُ يُكْتَفَى بِالْأَمْثَلِ فَالْأَمْثَلِ، وَيُسْتَكْثَرُ بِحَسَبِ خَطَرِ الْحُقُوقِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ النَّوَادِرِ أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى النِّصَابِ.

وَقَالَ ابْنُ الْفَرَسِ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ إذَا كَانَتْ قَرْيَةٌ لَا عُدُولَ فِيهَا وَبَعُدُوا عَنْ الْعُدُولِ فَهَلْ تَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي الْأَمْوَالِ أَمْ لَا؟ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْمَذْهَبِ وَلَمْ يُعْلَمْ لِلْمُتَقَدِّمِينَ مِنْهُمْ خِلَافُهُ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ لَا تَجُوزُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي وَاضِحَتِهِ، وَنَقَلَهُ الْبَاجِيَّ، وَرَأَيْت قَوْمًا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ يَحْكُونَ عَنْ أَشْيَاخِهِمْ بِأَنَّهُمْ أَفْتَوْا بِجَوَازِ الشَّهَادَةِ مِمَّنْ ذَكَرْنَا وَيُعَلِّمُونَهَا لِلضَّرُورَةِ، وَبِمَا ذَكَرْنَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمَازِرِيِّ فِي دُرَرِهِ رُوِيَ عَنْ سَحْنُونٍ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى السَّارِقِ مِمَّنْ لَقِيَهُ مِنْ النَّاسِ السَّيَّارَةِ عَلَى الطَّرِيقِ مِنْ الْمُسَافِرِينَ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالرِّعَاءِ إذَا عَرَفُوهُ وَقَالُوا رَأَيْنَا فُلَانًا سَرَقَ دَابَّةَ فُلَانٍ أَوْ رَأَيْنَا فُلَانًا فِي حَوْزَةِ كَذَا أَوْ فِي مَرَاعِي بَنِي فُلَانٍ، وَتَجُوزُ عَلَيْهِ شَهَادَةُ السَّيَّارَةِ سَوَاءٌ كَانُوا عُدُولًا أَوْ غَيْرَ عُدُولٍ وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ هَذَا فِي الْبَرَابِرِ، وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ قَالَ لَا تَجُوزُ عَلَيْهِمْ إلَّا شَهَادَةُ الْعُدُولِ بِشَيْءٍ عِنْدَنَا. وَقَدْ سُئِلَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ مِثْلِ هَذَا فِي لُصُوصِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَبَرَابِرِ بَرْقَةَ، فَقَالَ تَجُوزُ عَلَيْهِمْ شَهَادَةُ مَنْ لَقِيَهُمْ مِنْ النَّاسِ قِيلَ لَهُ إنَّهُمْ غَيْرُ عُدُولٍ، قَالَ وَأَيْنَ تُوجَدُ الْعُدُولُ عَلَى السَّارِقِ وَاللِّصِّ، وَإِنَّمَا يَقْصِدُ اللِّصَّ وَالسَّارِقَ مَوَاضِعَ الْخَلَوَاتِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا الْعُدُولُ، وَقَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونٍ وَمِثْلُهُ فِي أَسْئِلَةِ ابْنِ سَحْنُونٍ كُلُّ ذَلِكَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ وَلَا ثُبُوتَ لِشَيْءٍ مِنْهُ فِيهِ، فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى، إذْ لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>