مُسْلِمٌ، عَاقِلٌ، بَالِغٌ. بِلَا فِسْقٍ وَحَجْرٍ
ــ
[منح الجليل]
كَانَ ثَابِتًا مَا خَفِيَ عَلَى ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حُفَّاظِ الْمَذْهَبِ وَلَذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ فِي كُتُبِهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مُسْلِمٌ) لَا كَافِرٌ عَلَى مُسْلِمٍ إجْمَاعًا وَلَا عَلَى مِثْلِهِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَالشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَتَعَقَّبَ ابْنُ مَرْزُوقٍ حِكَايَةَ الْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ شَهَادَةِ الْكَافِرِ عَلَى مُسْلِمٍ بِأَنَّ مِنْ الْأَئِمَّةِ مَنْ قَالَ بِجَوَازِهَا عَلَى وَصِيَّةِ مُسْلِمٍ فِي السَّفَرِ لِلضَّرُورَةِ، عَزَاهُ ابْنُ سَهْلٍ لِشُرَيْحٍ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعُبَيْدَةَ وَابْنِ سِيرِينَ وَغَيْرِهِمْ (عَاقِلٌ) فِي حَالَتَيْ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ شَرْطُ الْعَقْلِ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَا يَعْقِلُ مَا يَقُولُ وَلَا يَضْبِطُهُ وَمَنْ هُوَ كَذَلِكَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يُخْتَلَفُ فِي اعْتِبَارِ الْعَقْلِ فِي حَالَتَيْ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ وَلَا يَضُرُّ ذَهَابُ الْعَقْلِ فِي غَيْرِ هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ وَلَمْ أَعْرِفْهُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ، بَلْ نَقَلَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي كَبِيرٍ يَخْنُقُ ثُمَّ يُفِيقُ إنْ كَانَ يُفِيقُ إفَاقَةً يَعْقِلُهَا جَازَتْ شَهَادَتُهُ وَبَيْعُهُ وَابْتِيَاعُهُ.
(بَالِغٌ) فَلَا يُقْبَلُ شَهَادَةُ الصَّبِيِّ اتِّفَاقًا إلَّا لِصَبِيٍّ عَلَى صَبِيٍّ فِي دَمٍ. بِشُرُوطٍ تَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (بِلَا فِسْقٍ) بِجَارِحَةٍ ظَاهِرَةٍ؛ لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُ فِسْقَ الِاعْتِقَادِ (وَ) بِلَا (حَجْرٍ) عَلَيْهِ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فِيهِ وَإِنْ رَشَدَ. مُحَمَّدٌ هَذَا أَحَبُّ إلَيَّ. شب هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لِسَفَهِهِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَتَأَمَّلْهُ مَعَ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ.
وَفِي شَرْطِ عَدَمِ الْوِلَايَةِ فِي الْمَالِ خِلَافٌ سَمِعَ أَشْهَبُ أَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَهُوَ عَدْلٌ؟ قَالَ نَعَمْ. ابْنُ رُشْدٍ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِثْلَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَهُوَ قِيَاسُ الْمَعْلُومِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ لَغْوِ الْوِلَايَةِ عَلَى الْيَتِيمِ الْبَالِغِ فِي جَوَازِ أَفْعَالِهِ وَرَدِّهَا، وَالْآتِي عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ الْمَعْلُومِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ مِنْ أَنَّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لَا تَنْفُذُ أَفْعَالُهُ وَإِنْ كَانَ رَشِيدًا فِي أَحْوَالِهِ: أَنْ لَا تَجُوزَ شَهَادَتُهُ وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ لَوْ طَلَبَ مَالَهُ أَخَذَهُ وَهُوَ نَصُّ أَشْهَبَ فِي الْمَجْمُوعَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute