للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبِدْعَةٍ، وَإِنْ تَأَوَّلَ: كَخَارِجِيٍّ، وَقَدَرِيٍّ

ــ

[منح الجليل]

وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ ظَاهِرُ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْهَا، فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي شَهَادَتِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي اعْتِبَارِ حَالِهِ أَوْ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجْرِ أَنَّ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِاعْتِبَارِ حَالِهِ، فَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي ذَلِكَ هُنَا؟ . وَفِي شَرْحِ ابْنِ النَّاظِمِ عَلَى التُّحْفَةِ مَا يُفِيدُ هَذَا، فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ الْمَانِعَ الْحَجْرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَ) بِلَا (بِدْعَةٍ) أَيْ اعْتِقَادٍ مُخَالِفٍ لِاعْتِقَادِ أَهْلِ السُّنَّةِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُبْتَدِعٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا فَاسِقٌ وَإِمَّا كَافِرٌ إنْ لَمْ يَتَأَوَّلْ، بَلْ (وَإِنْ تَأَوَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مَهْمُوزًا مُثَقَّلًا (كَخَارِجِيٍّ) أَيْ مَنْسُوبٍ لِلْخَوَارِجِ وَهُمْ قَوْمٌ خَرَجُوا عَلَى عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَكَفَّرُوهُمَا مُعَاوِيَةَ لِخُرُوجِهِ عَلَى عَلِيٍّ وَعَلِيٍّ لِرِضَاهُ بِتَحْكِيمِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَقَاتَلَهُمْ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَتَلَ مِنْهُمْ جَمًّا غَفِيرًا (وَقَدَرِيٍّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ وَشَدِّ الْيَاءِ نِسْبَةً لِلْقَدَرِ، أَيْ إيجَادِ الْأَشْيَاءِ بِحَسَبِ عَمَلِهَا فِي الْأَزَلِ لِنَفْيِهِمْ إيَّاهُ وَقَوْلِهِ بِخَلْقِ الْعَبْدِ أَفْعَالَهُ الِاخْتِيَارِيَّةَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَا يُعْذَرُ بِجَهْلٍ وَلَا تَأْوِيلٍ، كَالْقَدَرِيِّ وَالْخَارِجِيِّ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يُحْتَمَلُ كَوْنُ الْقَدَرِيِّ مِثَالًا لِلْجَاهِلِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ شُبَهِهِمْ عَقْلِيَّةٌ، وَالْخَطَأُ فِيهَا يُسَمَّى جَهْلًا، وَالْخَارِجِيُّ مِثَالٌ لِلْمُتَأَوِّلِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ شُبَهِهِمْ سَمْعِيَّةٌ وَالْخَطَأُ فِيهَا يُسَمَّى تَأْوِيلًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْجَاهِلِ الْمُقَلِّدُ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ وَبِالْمُتَأَوِّلِ الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا، وَلَمْ يُعْذَرُوا بِالتَّأْوِيلِ لِتَأْدِيَتِهِ إلَى كُفْرٍ أَوْ فِسْقٍ، بِخِلَافِ تَأْوِيلِ الْمُحَارِبِينَ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: الْحَطَّابُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ شُرُوطًا فِي الْعَدْلِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ أَهْلُ الْمَذْهَبِ، فَإِنَّهُمْ جَعَلُوهَا شُرُوطًا فِي قَوْلِ الشَّهَادَةِ، وَمِنْهَا الْعَدَالَةُ وَهُوَ أَبْيَنُ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يُوصَفُ بِالْعَدَالَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَمَّا كَانَتْ الشَّهَادَةُ مُوجِبَةً لِحُكْمِ الْحَاكِمِ اُشْتُرِطَ فِيهَا شُرُوطٌ مِنْهَا فِي أَدَائِهَا الْإِسْلَامُ اتِّفَاقًا، ثُمَّ قَالَ وَمِنْهَا الْحُرِّيَّةُ وَالْعَقْلُ، ثُمَّ قَالَ وَالْبُلُوغُ، ثُمَّ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>