للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ صَغِيرَةَ خِسَّةً وَسَفَاهَةً، وَلَعِبَ نَرْدٍ، ذُو مُرُوءَةٍ

ــ

[منح الجليل]

بِتَعَدُّدِ مُتَعَلِّقِهِ. وَمَفْهُومُ " كَثِير " أَنَّ مُبَاشَرَةَ الْكَذِبِ الْيَسِيرِ كَالْوَاحِدِ غَيْرُ قَادِحٍ فِي الْعَدَالَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ الْحَطَّابُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَمَّا الْكَذِبُ فَنَصُّهَا مِمَّا يُجَرَّحُ بِهِ الشَّاهِدُ قِيَامُ بَيِّنَةٍ عَلَى أَنَّهُ كَذَّابٌ فِي غَيْرِ شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَنَقَلَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ بِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ بِالْكَذِبِ فِي غَيْرِ شَيْءٍ وَاحِدٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامُهُ يُعْطِي تَكَرُّرَ الْكَذِبِ مِمَّنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ مَشْهُورٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ هَذَا الْقَيْدُ الْأَخِيرُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاكْتُفِيَ بِتَكْرَارِ الْكَذِبِ. قُلْت قَوْلُهُ يُعْطِي تَكْرَارَ الْكَذِبِ لَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِهِ بِهِ دُونَ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ فِيهَا لَفْظَ كَذَّابٍ، وَفَعَّالٌ يَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ ضَرُورَةً، وَقَوْلُهُ إنَّهُ مَشْهُورٌ مِنْ قَوْلِهِ يَرِدُ بِمَنْعِهِ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ مَشْهُورٍ أَخَصُّ مِنْ مَعْرُوفٍ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ صِدْقِ الْأَعَمِّ صِدْقُ الْأَخَصِّ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَشْتَرِطْ هَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَرَادَ بِهِ كَوْنَهُ مَشْهُورًا فَلَا يَضُرُّ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ لَفْظَ مَعْرُوفٍ لَا يَسْتَلْزِمُهُ، وَإِنْ أَرَادَ لَفْظَ مَعْرُوفٍ فَقَوْلُهُ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَرَادَ نَصًّا فَمُسَلَّمٌ، وَإِنْ أَرَادَ وَلَا لُزُومًا مُنِعَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا قِيَامُ الْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ أَنَّهُ كَذَّابٌ بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَعْرُوفٌ بِمُطْلَقِ الْكَذِبِ عَادَةً؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْعَادَةِ أَنْ لَا يَثْبُتَ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَذَّابٌ فِي غَيْرِ شَيْءٍ بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ إلَّا وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِمُطْلَقِ الْكَذِبِ.

(أَوْ صَغِيرَةَ خِسَّةٍ) كَتَطْفِيفِ حَبَّةٍ أَوْ سَرِقَةِ لُقْمَةٍ فَمُبَاشِرُهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَمَفْهُومُ خِسَّةٍ أَنَّ مُبَاشَرَةَ صَغِيرَةٍ غَيْرِ الْخَسَّةِ لَا تَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهَا غَالِبًا (وَ) لَمْ يُبَاشِرْ (سَفَاهَةً) أَيْ مُجُونًا وَدُعَابَةً وَهَزْلًا فِي أَكْثَرِ أَوْقَاتِهِ (وَ) لَمْ يُبَاشِرْ (لَعِبَ نَرْدٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الرَّاءِ آلَةٌ مُرَبَّعَةٌ مُخَطَّطَةٌ يُلْعَبُ عَلَيْهَا بِفُصُوصٍ، وَيُقَالُ لَهَا نَرْدَشِيرُ، وَتُسَمَّى فِي عُرْفِ مِصْرَ طَاوِلَةً، فَمُبَاشِرُ لَعِبِهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَوْ مَرَّةً بِغَيْرِ قِمَارٍ لِحَدِيثِ «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرَ فَكَأَنَّمَا وَضَعَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ» . وَحَدِيثِ «مَلْعُونٌ مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ» . عِيَاضٌ فِي مَشَارِقِهِ النَّرْدُ فَارِسِيٌّ لِنَوْعٍ مِنْ الْآلَاتِ الَّتِي يُقَامَرُ عَلَيْهَا، وَيُقَالُ لَهُ النَّرْدَشِيرُ وَالْكِعَابُ.

وَالْعَدْلُ (ذُو) أَيْ صَاحِبُ (مُرُوءَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>