للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا إنْ نَكَلَ بِخِلَافِ مُدَّعٍ الْتَزَمَهَا، ثُمَّ رَجَعَ

ــ

[منح الجليل]

نَكَلْت حَلَفَ خَصْمُك وَاسْتَحَقَّ مَا ادَّعَاهُ، وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ الْبَيَانِ، وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ يَنْبَغِي الِاسْتِحْبَابُ. طفى عَدَلَ عَنْ قَوْلِهِمَا لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ ظَاهِرُهُمَا أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، وَوَقَعَ لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ الْأَمْرُ بِذَلِكَ فَقَالَ وَإِذَا جَهِلَ ذَلِكَ الْمَطْلُوبُ فَلْيَذْكُرْهُ لَهُ الْقَاضِي.

(وَلَا يُمَكَّنُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَالْكَافِ مُثَقَّلًا أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (مِنْهَا) أَيْ الْيَمِينِ (إنْ نَكَلَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ حَلِفُهَا رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ خَصْمَهُ تَعَلَّقَ لَهُ حَقٌّ بِالْيَمِينِ بِنُكُولِهِ فَلَيْسَ لَهُ إبْطَالُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ النُّكُولُ امْتِنَاعُ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ مِنْهَا وَلِأَنَّ نُكُولَهُ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِ خَصْمِهِ، وَرُجُوعُهُ لَهَا نَدَمٌ. ابْنُ شَاسٍ الرُّكْنُ الرَّابِعُ النُّكُولُ وَلَا يَثْبُتُ الْحَقُّ بِمُجَرَّدِهِ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي إلَّا إذَا تَمَّ نُكُولُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيَتِمُّ نُكُولُهُ بِأَنْ يَقُولَ لَا أَحْلِفُ وَأَنَا نَاكِلٌ، أَوْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ أَنْتَ أَوْ يَتَمَادَى عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْيَمِينِ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ، ثُمَّ حَيْثُ تَمَّ نُكُولُهُ ثُمَّ قَالَ أَنَا أَحْلِفُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ قَوْلُهَا. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إذَا نَكَلَ مُدَّعُو الدَّمِ عَنْ الْيَمِينِ وَرَدُّوا الْأَيْمَانَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ثُمَّ أَرَادُوا بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَحْلِفُوا فَلَا يَكُونُ لَهُمْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ قَالَ لِي الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِيمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى مَالٍ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ وَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمَطْلُوبِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَحْلِفَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. وَسَمِعَ عِيسَى ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ أَنْ طَلَبَ يَمِينَهُ احْلِفْ أَنْتَ وَخُذْ، فَلَمَّا هَمَّ الْمُدَّعِي بِالْحَلِفِ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا أَرْضَى بِيَمِينِك مَا ظَنَنْتُك تَحْلِفُ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ السُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ. ابْنُ رُشْدٍ مِثْلُهُ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ وَكِتَابِ الدِّيَاتِ، وَلَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ فِي ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ رَدَّهَا عَلَى الْمُدَّعِي وَلَوْ نَكَلَ عَنْهَا وَلَمْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ، فَفِي كَوْنِهِ كَذَلِكَ وَصِحَّةِ رُجُوعِهِ قَوْلَانِ لِظَاهِرِ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَدَنِيَّةِ مَعَ ظَاهِرِ قَوْلِهَا فِي الدِّيَاتِ وَظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ فِي الْمَدَنِيَّةِ. (بِخِلَافِ مُدَّعًى) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (عَلَيْهِ الْتَزَمَهَا) أَيْ الْيَمِينَ (ثُمَّ رَجَعَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْهَا فَلَهُ ذَلِكَ. بَهْرَامُ؛ لِأَنَّ الْتِزَامَهُ لَا يَكُونُ أَشَدَّ مِنْ إلْزَامِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَعْلِيقَةِ أَبِي عِمْرَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>