وَإِنْ رُدَّتْ عَلَى مُدَّعٍ وَسَكَتَ زَمَنًا: فَلَهُ الْحَلِفُ
وَإِنْ حَازَ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ شَرِيكٍ وَتَصَرَّفَ، ثُمَّ ادَّعَى حَاضِرٌ سَاكِتٌ بِلَا مَانِعٍ عَشْرَ سِنِينَ
ــ
[منح الجليل]
فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَلْتَزِمُ الْيَمِينَ ثُمَّ يُرِيدُ الرُّجُوعَ إلَى إحْلَافِ الْمُدَّعِي، فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْتِزَامَهُ لَيْسَ أَشَدَّ مِنْ إلْزَامِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ، قَالَ وَخَالَفَنِي ابْنُ الْكَاتِبِ، وَقَالَ لَيْسَ لَهُ رَدُّ الْيَمِينِ.
(وَإِنْ رُدَّتْ) بِضَمِّ الرَّاءِ الْيَمِينُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (عَلَى مُدَّعٍ فَسَكَتَ) الْمُدَّعِي (زَمَنًا) غَيْرَ مُلْتَزِمٍ وَلَا نَاكِلٍ ثُمَّ أَرَادَ الْحَلِفَ (فَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ الْحَلِفُ وَلَا مَقَالَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، إذْ لَا يُعَدُّ سُكُوتُهُ نُكُولًا وَلَوْ طَالَ مِنْهُ. الْبُنَانِيُّ لَوْ قَالَ وَإِنْ سَكَتَ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ زَمَانًا إلَخْ، لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ.
(وَإِنْ حَازَ) بِإِهْمَالِ الْحَاءِ وَإِعْجَامِ الزَّايِ شَخْصٌ (أَجْنَبِيٌّ) مِنْ الْمَحُوزِ عَلَيْهِ (غَيْرُ شَرِيكٍ) لِلْمَحُوزِ عَلَيْهِ فِي الْمَحُوزِ (وَتَصَرَّفَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْأَجْنَبِيُّ الْحَائِزُ فِي الشَّيْءِ الْمَحُوزِ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ (ثُمَّ ادَّعَى) شَخْصٌ (حَاضِرٌ) بِالْبَلَدِ مَعَ الْحَائِزِ، وَاحْتَرَزَ بِحَاضِرٍ عَنْ الْغَائِبِ غَيْبَةً بَعِيدَةً كَسَبْعَةِ أَيَّامٍ (سَاكِتٌ) عَنْ مُنَازَعَةِ الْحَائِزِ الْمُتَصَرِّفِ (بِلَا مَانِعٍ) لَهُ مِنْ الْإِنْكَارِ عَلَى الْحَائِزِ وَمُنَازَعَتِهِ وَاحْتَرَزَ عَمَّنْ نَازَعَ الْمُتَصَرِّفَ وَعَمَّنْ سَكَتَ لِمَانِعٍ، كَخَوْفٍ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ عَدَمِ عِلْمٍ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَحَازَ الْأَجْنَبِيُّ (عَشْرَ سِنِينَ) الْبُنَانِيُّ هَذَا خَاصٌّ بِالْعَقَارِ وَالتَّحْدِيدُ بِالْعَشْرِ نَحْوُهُ فِي الرِّسَالَةِ، وَعَزَاهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِرَبِيعَةَ، وَنَصُّهَا وَلَمْ يُحِدَّ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْحِيَازَةِ فِي الرُّبْعِ عَشْرَ سِنِينَ وَلَا غَيْرَهَا، وَقَالَ رَبِيعَةُ حَوْزُ عَشْرِ سِنِينَ يَقْطَعُ دَعْوَى الْحَاضِرِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهُ إنَّمَا أَكْرَى أَوْ أَسْكَنَ أَوْ أَخْدَمَ أَوْ أَعَارَ وَنَحْوَهُ، وَلَا حِيَازَةَ عَلَى غَائِبٍ، وَذَكَرَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ حَازَ عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ لَهُ» اهـ. فِي التَّوْضِيحِ بِهَذَا أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ، وَدَلِيلُهُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute