للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قَالَ: إنْ قَتَلْتنِي أَبْرَأْتُك

ــ

[منح الجليل]

يُقَادَ» ، وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ إنْ اخْتَارَ الْوَلِيُّ الدِّيَةَ فَإِنَّ الْقَاتِلَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مَلِيئًا. ابْنُ يُونُسَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَاتِلُ الْعَمْدِ يَطْلُبُ الْأَوْلِيَاءُ الدِّيَةَ مِنْهُ فَيَأْبَى إلَّا قَتْلَهُ فَلَيْسَ لَهُمْ إلَّا قَتْلَهُ أَوْ الْعَفْوَ عَنْهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: ١٧٨] ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْبَى وَيُجْبَرَ عَلَى الدِّيَةِ إنْ كَانَ مَلِيئًا لِأَنَّهُ فِي قَتْلِ نَفْسِهِ لِيَتْرُكَ مَالَهُ لِغَيْرِهِ مَضَارٌّ. وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ جَعَلَ الْوَلِيَّ إنْ أَحَبَّ قَتَلَ وَإِنْ أَحَبَّ أَخَذَ الدِّيَةَ» وَقَالَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ جَمَاعَةٌ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي النَّفْسِ، وَأَمَّا جُرْحُ الْعَمْدِ فَيُوَافِقُ أَشْهَبُ فِيهِ الْمَشْهُورَ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ التَّخْيِيرُ فِي جُرْحِ الْعَمْدِ كَالنَّفْسِ.

(تَنْبِيهٌ)

اسْتَثْنَى مِنْ هَذَا جُرْحَ عَبْدٍ أَوْ قَتْلَهُ مِثْلَهُ، فَإِنَّ لِسَيِّدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصَ أَوْ أَخْذَ الْجَانِي، فَإِنْ اقْتَصَّ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ أَخَذَ الْجَانِيَ خُيِّرَ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ بِقِيمَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَإِسْلَامِهِ. وَفِي الْجُرْحِ يُخَيَّرُ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ بِأَرْشِ الْجُرْحِ إنْ كَانَ لَهُ أَرْشٌ مُسَمًّى، وَإِلَّا فَإِنْ حَصَلَ بِهِ عَيْبٌ خُيِّرَ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ عَيْبٌ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الْقِصَاصُ إنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَبْدًا وَإِنْ كَانَ حُرًّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا الْأَدَبَ.

وَإِنْ أَتْلَفَ مُكَلَّفٌ غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَلَا زَائِدِ حُرِّيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ مَعْصُومًا تَعَيَّنَ الْقَوَدُ إنْ لَمْ يَقُلْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِلْجَانِي إنْ قَتَلْتنِي أَبْرَأْتُك، بَلْ (وَلَوْ قَالَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِلْجَانِي (إنْ قَتَلْتنِي أَبْرَأْتُك) فَقَتَلَهُ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ لِعَفْوِهِ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَجِبْ لَهُ، وَإِنَّمَا يَجِبُ لِأَوْلِيَائِهِ وَلَا يُشْبِهُ مَنْ أَنْفَذَ مَقْتَلِهِ وَأُدْرِكَ حَيًّا فَقَالَ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي عَفَوْت عَنْ قَاتِلِي. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْأَظْهَرُ سُقُوطُ الْقَتْلِ وَلُزُومُ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ لِشُبْهَةِ الْعَفْوِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ قَالَ لِلْقَاتِلِ إنْ قَتَلْتنِي فَقَدْ وَهَبْت لَك دَمِي فَقَوْلَانِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَحْسَنُهُمَا أَنْ يَقْتُلَ بِخِلَافِ عَفْوِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ، فَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي قَطْعِ يَدِهِ عُوقِبَ، وَلَا قِصَاصَ الْمُوَضِّحُ الَّذِي نَسَبَهُ الْمُصَنِّفُ لِابْنِ الْقَاسِمِ، ذَكَرَ فِي الْجَوَاهِرِ أَنَّ أَبَا زَيْدٍ رَوَاهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>