مِمَّا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ خُطْبَةً، تَحْضُرُهُمَا الْجَمَاعَةُ، وَاسْتَقْبَلَهُ
ــ
[منح الجليل]
عَجَمًا لَا يَعْرِفُونَ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ أَوْ صُمًّا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِمْ يُحْسِنُهُمَا عَرَبِيَّتَيْنِ فَلَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَيْهِمْ وَلَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ بُكْمًا فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ فَالْقُدْرَةُ عَلَى الْخُطْبَتَيْنِ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ.
وَكَوْنُهُمَا (مِمَّا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ خُطْبَةً) بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ تُطْلِقُ الْخُطْبَةَ عِنْدَ الْعَرَبِ عَلَى مَا يُقَالُ فِي الْمَحَافِلِ مِنْ الْكَلَامِ الْمُنَبَّهِ بِهِ عَلَى أَمْرٍ مُهِمٍّ لَدَيْهِمْ، وَالْمُرْشِدِ لِمَصْلَحَةٍ تَعُودُ عَلَيْهِمْ حَالِيَّةٌ أَوْ مَآلِيَّةٌ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَوْعِظَةٌ فَضْلًا عَنْ تَحْذِيرٍ وَتَبْشِيرٍ، وَقُرْآنٍ يُتْلَى، وَقَوْلُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَقَلُّهَا حَمْدُ اللَّهِ وَصَلَاةٌ وَسَلَامٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَحْذِيرٌ وَتَبْشِيرٌ، وَقُرْآنٌ يُتْلَى. اهـ. مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَكُلٌّ مِنْ الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقُرْآنِ مَنْدُوبٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا سَجْعًا فَلَوْ نَظَمَهَا أَوْ نَثَرَهَا صَحَّتْ نَعَمْ تُنْدَبُ إعَادَتُهَا إنْ لَمْ يُصَلِّ، فَإِنْ صَلَّى فَلَا تُعَادُ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ.
وَيُنْدَبُ التَّرَضِّي فِيهَا عَنْ الصَّحَابَةِ وَالدُّعَاءُ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ وَالدُّعَاءُ فِيهَا لِلسُّلْطَانِ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ أَتْبَاعِهِ، وَإِلَّا وَجَبَ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ. وَلَا يَضُرُّ تَقْدِيمُ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْخُطْبَةِ الْأُولَى قَالَهُ الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ (تَحْضُرُهُمَا) أَيْ الْخُطْبَتَيْنِ (الْجَمَاعَةُ) الِاثْنَا عَشَرَ الْأَحْرَارُ الْمُتَوَطِّنُونَ مِنْ أَوَّلِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ فَلَا يَكْتَفِي بِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا كَرَكْعَتَيْنِ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا إصْغَاؤُهُمْ. وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ حُضُورَ الْخُطْبَتَيْنِ فَرْضُ عَيْنٍ وَلَوْ زَادَ عَدَدُهُمْ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَيْنِيَّةَ إنْ كَانَ عَدَدُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ فَمَا زَادَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حُضُورُهُمَا.
(واسْتَقْبَلَهُ) أَيْ ذَاتُ الْخَاطِبِ لَا جِهَتُهُ وُجُوبًا. وَقِيلَ اسْتِنَانًا وَرُجِّحَ وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ صَرِيحُهَا وَنَصُّهَا، وَإِذَا قَامَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ قَطْعُ الْكَلَامِ وَاسْتِقْبَالُهُ وَالْإِنْصَاتُ إلَيْهِ وَالثَّانِي قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ قَالَ الْعَدَوِيُّ، وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ، وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَاسْتَقْبِلُوهُ بِوُجُوهِكُمْ، وَاصْغَوْا إلَيْهِ بِأَسْمَاعِكُمْ، وَارْمُقُوهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute