للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَفِي وُجُوبِ قِيَامِهِ لَهُمَا: تَرَدُّدٌ.

وَلَزِمَتْ الْمُكَلَّفَ الْحُرَّ الذَّكَرَ

ــ

[منح الجليل]

بِأَبْصَارِكُمْ» . وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ طَلَبُ اسْتِقْبَالِهِ بِمُجَرَّدِ قُعُودِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَاَلَّذِي فِي نَصِّهَا الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ عِنْدَ شُرُوعِهِ فِي الْخُطْبَةِ وَفَاعِلُ اسْتَقْبَلَهُ (غَيْرُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ) فَيُغَيِّرُونَ جِلْسَتَهُمْ الَّتِي كَانَتْ لِلْقِبْلَةِ.

وَأَمَّا أَهْلُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُمْ اسْتِقْبَالُهُ، وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي اسْتِثْنَائِهِ أَهْلَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ ابْنَ الْحَاجِبِ. ابْنُ عَرَفَةَ جَعَلَهُ مَنْ لَقِيتُهُ خِلَافَ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ اسْتِقْبَالُ ذَاتِهِ لِلْجَمِيعِ مَنْ يَرَاهُ وَمَنْ لَا يَرَاهُ مَنْ يَسْمَعُهُ وَمَنْ لَا يَسْمَعُهُ كَمَا ظَاهِرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَسْتَقْبِلُهُ أَهْلُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ بِوُجُوهِهِمْ لَا بِذَوَاتِهِمْ فَلَا يَنْتَقِلُونَ مِنْ مَوَاضِعِهِمْ.

(وَفِي وُجُوبِ قِيَامِهِ) أَيْ الْخَاطِبِ (لَهُمَا) فِي الْخُطْبَتَيْنِ عَلَى جِهَةِ الشَّرْطِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَسُنِّيَّتُهُ وَهُوَ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ وَعِنْدَ الْقَصَّارِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ فَإِنْ خَطَبَ جَالِسًا أَسَاءَ وَصَحَّتْ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ.

(وَلَزِمَتْ) الْجُمُعَةُ (الْمُكَلَّفَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَاللَّامِ مُثْقَلَةً أَيْ الْبَالِغَ الْعَاقِلَ فِيهِ مُسَامَحًا إذْ لَا يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِ الشَّيْءِ إلَّا مَا كَانَ خَاصًّا بِهِ (الْحُرَّ) لَا الرَّقِيقَ وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ (الذَّكَرَ) لَا الْمَرْأَةَ لَكِنْ الشَّارِعُ جَعَلَهَا بَدَلًا عَنْ الظُّهْرِ لِلْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، فَإِنْ صَلَّاهَا أَجْزَأَتْهُ عَنْ الظُّهْرِ وَحَصَلَ لَهُ الثَّوَابُ لِلْحُضُورِ فَفِعْلُهُ الْجُمُعَةَ فِيهِ الْوَاجِبُ وَزِيَادَةٌ كَإِبْرَاءِ الْمُعْسِرِ مِنْ الدَّيْنِ وَالْوُضُوءِ قَبْلَ الْوَقْتِ الْمُسْقِطِ لَهُ بَعْدَهُ وَلَيْسَتْ وَاجِبَةً عَلَى التَّخْيِيرِ. وَقَالَ الْقَرَافِيُّ إنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمُسَافِرِ عَلَى التَّخْيِيرِ إذْ لَوْ كَانَتْ مَنْدُوبَةً لَهُمْ لَمْ تَكْفِ عَنْ الْوَاجِبِ. وَرُدَّ بِأَنَّ الْوَاجِبَ الْمُخَيَّرَ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ أُمُورٍ مُتَسَاوِيَةٍ بِأَنْ يُقَالَ الْوَاجِبُ إمَّا هَذَا، وَإِمَّا هَذَا.

وَالشَّارِعُ إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْتَوْفِ شُرُوطَ الْجُمُعَةِ الظُّهْرَ ابْتِدَاءً، لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الْجُمُعَةُ مُشْتَمِلَةً عَلَى شُرُوطِ الظُّهْرِ وَزِيَادَةً كَفَتْ عَنْ الظُّهْرِ. وَلِلْقَرَافِيِّ أَنْ لَا يَلْتَزِمَ هَذَا الِاصْطِلَاحَ وَيَقُولُ الْوَاجِبُ الْمُخَيَّرُ مَا يَكْفِي وَاحِدٌ مِنْهُ فِي بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>