كَأَنْ يَقُولَ بَالِغٌ، حُرٌّ، مُسْلِمٌ: قَتَلَنِي فُلَانٌ، وَلَوْ خَطَأً أَوْ مَسْخُوطًا عَلَى وَرَعٍ،
ــ
[منح الجليل]
وَمَثَّلَ لِلَّوْثِ بِخَمْسَةِ أَمْثِلَةٍ فَقَالَ (كَأَنْ يَقُولَ بَالِغٌ) لَا صَبِيٌّ وَلَوْ مُرَاهِقًا عَلَى الْمَشْهُورِ (حُرٌّ) لَا رِقَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ كَالصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ، بِخِلَافِ الْمَسْخُوطِ وَالْمَرْأَةِ فَهُمَا مِنْ أَهْلِهَا فِي الْجُمْلَةِ (مُسْلِمٌ) لَا كَافِرٌ، وَلَا بُدَّ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَالْمَقُولِ عَلَيْهِ عَدَاوَةٌ كَمَا فِي تَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ أَفَادَهُ شب. الْعَدَوِيُّ وَلَوْ عَدُوًّا عَلَى عَدُوِّهِ فِي الذَّخِيرَةِ الْعَدَاوَةُ تُؤَكِّدُ صِدْقَ الْمُدَّعِي لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْقَتْلِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الدَّعَاوَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَاخْتُلِفَ إذَا قَالَ ذَلِكَ عَلَى عَدُوِّهِ، وَفِيهِ شُبْهَةٌ، فَيَصِحُّ أَنْ يُقْبَلَ لِأَنَّ عَدُوَّ الْإِنْسَانِ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِعَدُوِّهِ، وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لَا يُقْبَلُ لِتُهْمَتِهِ إذَا أَنْزَلَ ذَلِكَ بِهِ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَسْتَشْفِيَ مِنْ عَدُوِّهِ (قَتَلَنِي فُلَانٌ) عَمْدًا، بَلْ (وَلَوْ) قَالَ (خَطَأً) عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ فُلَانٍ حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى.
فِي الْمُقَدِّمَاتِ إنْ قَالَ قَتَلَنِي خَطَأً فَفِي ذَلِكَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا قَبُولُ قَوْلِهِ وَيُقْسِمُونَ وَلَايَتَهُمْ، وَالثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ كَذَبَ لِإِغْنَاءِ وَلَدِهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَازِمٍ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّهُ اسْتِحْقَاقُ دَمٍ فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَحِقَّ بِهِ دَمَ الْعَمْدِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي دَمِ الْخَطَأِ مَالٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَأَشْبَهَ قَوْلَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لِي عِنْدَ فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا، وَهُوَ الظَّاهِرُ فِي الْقِيَاسِ.
وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَشْهَرُ إنْ كَانَ الْقَائِلُ عَدْلًا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (مَسْخُوطًا) أَيْ غَيْرَ عَدْلٍ وَادَّعَى قَتْلَهُ (عَلَى) شَخْصٍ (وَرِعٍ) وَلَوْ كَانَ أَوْرَعَ أَهْلِ زَمَانِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. الْبُنَانِيُّ هَذِهِ هِيَ التَّدْمِيَةُ. الْمُوَضِّحُ لَمْ يُوَافِقْ الْمَالِكِيَّةُ عَلَيْهَا إلَّا اللَّيْثَ، وَرَأَى الْجُمْهُورُ أَنَّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute