للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ زَوْجَةٌ عَلَى زَوْجِهَا إنْ كَانَ جُرْحٌ

ــ

[منح الجليل]

وَذَبَحَنِي أَوْ بَقَرَ بَطْنِي أَقْسَمَ بِقَوْلِهِ وَقُتِلَ أَبُوهُ إنْ شَاءَ الْأَوْلِيَاءُ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ وَلَا وَالِدَةٌ بِقَسَامَةٍ، وَأَرَى ذَلِكَ مَالًا، وَقَدْ رَأَى أَهْلُ الْعِلْمِ قَتْلَ عَشْرَةٍ بِوَاحِدٍ وَلَمْ يَرَوْا أَنْ يَقْتُلُوا بِالْقَسَامَةِ إلَّا وَاحِدًا.

(أَوْ) تَدَّعِي (زَوْجَةٌ) عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ قَتَلَهَا فَالْقَسَامَةُ مِنْ أَوْلِيَائِهَا وَيَقْتُلُونَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ لَا يُقْتَلُ بِهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَذِنَ لَهُ فِي ضَرْبِهَا، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» .

وَشَرْطُ الْقَسَامَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ (إنْ كَانَ) فِي الْمُدْمِي (جُرْحٌ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. الْمُتَيْطِيُّ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَبِهِ الْحُكْمُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِالْمُدْمِي أَثَرُ جُرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَى فُلَانٍ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي شَرْطِ إعْمَالِ قَوْلِهِ قَتَلَنِي فُلَانٌ بِظُهُورِ أَثَرِ الضَّرْبِ اضْطِرَابٌ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إنْ قَالَ قَتَلَنِي عَمْدًا وَلَا جِرَاحَ بِهِ، وَأَبْيَنُ ذَلِكَ أَنْ لَا يُقْسِمَ مَعَ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُمَا قِتَالٌ وَيَلْزَمُ الْفِرَاشَ عَقِبَ ذَلِكَ، أَوْ يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ مُتَشَكٍّ عَلَيْهِ دَلِيلُ الْمَرَضِ، وَتَمَادَى بِهِ حَتَّى مَاتَ.

قُلْت فِي آخِرِ سَمَاعِ عِيسَى، سُئِلَ ابْنُ كِنَانَةَ عَمَّنْ قَالَ اشْهَدُوا أَنَّ فُلَانًا سَقَاهُ سُمًّا وَهُوَ فِي جَوْفِهِ إنْ مِتُّ فَدَمِي عِنْدَهُ، قَالَ لَا قَسَامَةَ فِي مِثْلِ هَذَا إلَّا فِي الضَّرْبِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ الْآثَارِ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْجِرَاحِ وَالضَّرْبِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا خِلَافُ نَصِّ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ ابْنَ الْقَاسِمِ، وَدَلِيلُ قَوْلِهِ فِي رَسْمِ أَوَّلِ عَبْدٍ ابْتَاعَهُ مِنْ سَمَاعِ سَحْنُونٍ. وَقَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ إلَّا فِي الضَّرْبِ الْمَشْهُودِ بِهِ، يُرِيدُ الَّذِي تَثْبُتُ بِهِ الشَّهَادَةُ، فَلَوْ شَهِدَ عَلَى قَوْلِهِ وَاحِدٌ أَنَّهُ ضَرَبَهُ فَمَاتَ مِنْ ضَرْبَةٍ وَلَمْ يَظْهَرْ بِهِ أَثَرٌ مِنْهُ أَوْ أَنَّهُ سَقَاهُ سُمًّا فَمَاتَ مِنْهُ وَلَمْ يَظْهَرْ لِذَلِكَ أَثَرٌ فِيمَا أَصَابَهُ مِنْهُ فَلَا تَجِبُ لَهُ قَسَامَةٌ كَمَا لَا يَجِبُ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِ الْمَقْتُولِ، فَاحْتَاجَ أَصْبَغُ لَأَنْ يَلْزَمَ ابْنَ كِنَانَةَ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ مَنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ، فَتَتَحَصَّلُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: لَا تَجِبُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِالْمَقْتُولِ أَثَرٌ لَا بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَلَا بِقَوْلِ الْمَقْتُولِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ. وَالثَّانِي: ثُبُوتُهَا فِيهِمَا مَعًا وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ. وَالثَّالِثُ: مَعَ الشَّاهِدِ لَا مَعَ قَوْلِ الْمَقْتُولِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>