أَوْ أَطْلَقَ وَبَيَّنُوا،
ــ
[منح الجليل]
وَإِذَا أُعْمِلَتْ التَّدْمِيَةُ دُونَ أَثَرٍ، فَإِنَّمَا تُعْمَلُ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي إيجَابِ قَتْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْقَسَامَةِ. وَأَمَّا فِي حَيَاتِهِ فَلَا يُسْجَنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ سَجْنَهُ بِدَعْوَاهُ، وَقَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ أَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِلِاخْتِلَافِ فِي أَصْلِ الْقَسَامَةِ، إذْ لَمْ يُتَابِعْ مَالِكًا عَلَى قَوْلِهِ بِإِيجَابِ الْقَوَدِ إلَّا أَصْحَابَهُ. قُلْت فِي قَوْلِهِ هَذَا خِلَافُ نَصِّ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ نَظَرٌ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي التَّدْمِيَةِ الَّتِي لَمْ يُعْلَمْ فِيهَا سَبَبٌ حِسِّيٌّ يَسْتَنِدُ إلَيْهِ قَوْلُ الْمُدْمَى، وَلِذَا قِيلَ فِيهَا تَدْمِيَةٌ بَيْضَاءُ وَسَمَاعُ أَبِي زَيْدٍ هُوَ قَوْلُهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ رَكَضَ رَجُلًا بِرِجْلِهِ فِي بَطْنِهِ فَمَكَثَ أَيَّامًا، فَزَعَمَ أَنَّهُ يَجِدُهُ مِنْ الرَّكْضَةِ عَلَى فُؤَادِهِ أَمْرًا شَدِيدًا، قَالَ يُخَوَّفُ وَيُذَكَّرُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ أَصَرَّ وَقَالَ وَاَللَّهِ مَا زِلْت مِنْ يَوْمِ رَكَضَنِي بِشَرٍّ وَلَا قَتَلَنِي إلَّا رَكْضُهُ أَقْسَمُوا مَعَهُ وَاسْتَحَقُّوا دَمَهُ إنْ كَانَ مُضْطَجِعًا مِنْ يَوْمِ رَكَضَهُ حَتَّى مَاتَ، وَإِنْ لَمْ يَضْطَجِعْ فَإِذَا رُئِيَ بِهِ أَثَرُ ذَلِكَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ اضْطِجَاعِهِ.
قُلْت فَهَذَا كَالنَّصِّ فِي أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ ثَبَتَ رَكْضُ الرَّجُلِ إيَّاهُ، وَهَذَا سَبِيلٌ حِسِّيٌّ يَصِحُّ اسْتِنَادُ قَوْلِ الْمُدْمَى إلَيْهِ، فَفِي إعْمَالِ التَّدْمِيَةِ الْبَيْضَاءِ وَلَغْوِهَا قَوْلَانِ لِابْنِ رُشْدٍ مَعَ أَصْبَغَ مَعَ دَلِيلِ سَمَاعِ يَحْيَى، وَنَقَلَ ابْنُ سَهْلٍ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ مُزَيْنٍ وَأَخْذِهِ ذَلِكَ مِنْ إطْلَاقِ الرِّوَايَاتِ، وَعَنْ أَصْبَغَ لِقَوْلِهِ مَنْ قَالَ سَقَانِي فُلَانٌ سُمًّا وَمِنْهُ أَمُوتُ، وَقَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ مَعَ اخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَبِهِ الْعَمَلُ.
(أَوْ) قَالَ الْمَقْتُولُ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَ (أَطْلَقَ) الْمَقْتُولُ قَوْلَهُ عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ (وَبَيَّنُوا) أَيْ أَوْلِيَاؤُهُ كَوْنَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً مُعْتَمَدِينَ عَلَى الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ عَمْدٌ وَخَطَأٌ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْسِمُونِ وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي الْخَطَأِ وَالْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ.
ابْنُ عَرَفَةَ إنْ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَلَمْ يَقُلْ عَمْدًا وَلَا خَطَأً فَمَا ادَّعَاهُ وُلَاةُ الدَّمِ مِنْ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ أَقْسَمُوا عَلَيْهِ وَاسْتَحَقُّوهُ. ابْنُ حَارِثٍ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجَالِسِ: أَحْسَنُ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَهُ بَاطِلٌ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا، قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute