وَمَالُهُ لِوَارِثِهِ
وَقُبِلَ عُذْرُ مَنْ أَسْلَمَ، وَقَالَ أَسْلَمْت عَنْ ضِيقٍ إنْ ظَهَرَ:
ــ
[منح الجليل]
ابْنُ عَرَفَةَ الزِّنْدِيقُ مَنْ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُسِرُّ الْكُفْرَ إنْ ثَبَتَتْ زَنْدَقَتُهُ بِإِقْرَارِهِ، وَقَالَ أَتُوبُ، فَفِي قَبُولِ تَوْبَتِهِ طَرِيقَانِ، الْأُولَى قَبُولُهَا اتِّفَاقًا. وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ إنْ أَتَى تَائِبًا قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ، وَإِنْ أُخِذَ عَلَى دِينٍ أَخْفَاهُ قُتِلَ وَلَا يُسْتَتَابُ، قُلْت هَذَا مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ لِسَحْنُونٍ فِي شَاهِدِ الزُّورِ أَنَّهُ إنْ أَتَى تَائِبًا لَا يُعَاقَبُ. الثَّانِيَةُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ كَمَا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ، عَزَاهُ ابْنُ شَاسٍ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا، قَالَ وَهُوَ شَاذٌّ بَعِيدٌ. قُلْت وَهُوَ دَلِيلُ مَا حَكَى الْبَاجِيَّ عَنْ مُحَمَّدٍ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ ظَهَرَ كُفْرُهُ مِنْ زَنْدَقَتِهِ أَوْ كُفْرٍ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ تَابَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ لَفْظِ الْجَلَّابِ لَا يُسْتَتَابُ الزِّنْدِيقُ. ابْنُ زَرْقُونٍ وَفِي الْمَبْسُوطَةِ الْمَخْزُومِيُّ وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ لَا يُقْتَلُ مَنْ أَسَرَّ دِينًا حَتَّى يُسْتَتَابَ وَالْإِسْرَارُ فِي ذَلِكَ وَالْإِظْهَارُ سَوَاءٌ. قُلْت وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ لُبَابَةَ.
(وَ) إذَا قُتِلَ الزِّنْدِيقُ فَ (مَالُهُ لِوَارِثِهِ) الْمُسْلِمِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَكَذَا إنْ مَاتَ بِلَا قَتْلٍ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَا يُقْتَلُ الزِّنْدِيقُ إذَا جَاءَ تَائِبًا عَلَى الْأَصَحِّ، بِخِلَافِ مَنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ. ابْنُ شَاسٍ لِأَنَّهُ إذَا ظَهَرَ عَلَيْهِ لَمْ يَخْرُجْ بِمَا أَبْدَاهُ عَنْ عَادَتِهِ وَمَذْهَبِهِ، فَإِنَّ التَّقِيَّةَ عِنْدَ الْخَوْفِ عَيْنُ الزَّنْدَقَةِ وَيُقْتَلُ وَلَا يُسْتَتَابُ، وَيَكُونُ مِيرَاثُهُ لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ مَنْ عَبَدَ شَمْسًا أَوْ قَمَرًا أَوْ حَجَرًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مُسْتَسِرًّا بِهِ مُظْهِرَ الْإِسْلَامِ فَظَهَرَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يُقِرُّونَ بِالْإِسْلَامِ وَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمُنَافِقِينَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ مَالَ الزِّنْدِيقِ لِوَارِثِهِ وَهَذَا إذَا تَابَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَتُبْ فَلَا قَالَهُ ابْنُ بُكَيْر فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ.
(وَقُبِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (عُذْرُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، أَيْ اعْتَذَرَ (مَنْ) أَيْ الْكَافِرُ الَّذِي (أَسْلَمَ) ثُمَّ ارْتَدَّ (وَقَالَ) فِي اعْتِذَارِهِ (أَسْلَمْت عَنْ ضِيقٍ) كَخَوْفِ قَتْلٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ أَخْذِ مَالٍ ظُلْمًا (إنْ ظَهَرَ) مَا اعْتَذَرَ بِهِ بِقَرِينَةٍ وَلَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ زَوَالِ مَا اعْتَذَرَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَوْ اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ بَعْدَهُ فَلَا يُقْبَلْ وَيُسْتَتَبْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ لَمْ يَمُتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute