أَوْ قَالَ: الْأَنْبِيَاءُ يُتَّهَمُونَ، جَوَابًا لِتَتَّهِمَنِي، أَوْ جَمِيعُ الْبَشَرِ يَلْحَقُهُمْ النَّقْصُ حَتَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَوْلَانِ
ــ
[منح الجليل]
عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ الطَّالِبُ لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ فَقِيلَ لِسَحْنُونٍ هَلْ هُوَ كَمَنْ شَتَمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ شَتَمَ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: لَا إذَا كَانَ عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ الْغَضَبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُضْمِرًا لِلشَّتْمِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْقِيُّ وَأَصْبَغُ لَا يُقْتَلُ لِأَنَّهُ إنَّمَا شَتَمَ النَّاسَ، وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِ سَحْنُونٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْذُرْهُ بِالْغَضَبِ فِي شَتْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنَّهُ لَمَّا احْتَمَلَ كَلَامُهُ عِنْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى قَصْدِهِ شَتْمَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ شَتْمَ الْمَلَائِكَةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ تَعَالَى وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَلَا مُقَدِّمَةَ يُحْمَلُ عَلَيْهَا كَلَامُهُ، بَلْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ النَّاسُ غَيْرُ هَؤُلَاءِ لِأَجْلِ قَوْلِ الْآخَرِ صَلِّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَمَلَ قَوْلَهُ وَسَبَّهُ لِمَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ الْآنَ لِأَجْلِ أَمْرِ الْآخَرِ لَهُ بِهَا عِنْدَ غَضَبِهِ، هَذَا مَعْنَى قَوْلِ سَحْنُونٍ وَهُوَ مُطَابِقٌ لِعِلَّةِ صَاحِبَيْهِ. وَذَهَبَ الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إلَى الْقَتْلِ فِي مِثْلِ هَذَا.
(أَوْ) فِي قَتْلِ مَنْ (قَالَ الْأَنْبِيَاءُ يُتَّهَمُونَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَالْهَاءِ (جَوَابًا لِ) قَوْلِ مَنْ قَالَ لَهُ (تَتَّهِمُنِي) وَعَدَمُهُ قَوْلَانِ فَقَدْ أَفْتَى فِيهَا قَاضِي قُرْطُبَةَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَاجِّ بِعَدَمِ قَتْلِهِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ مَنْصُورٍ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ عِنْدَهُ لِكَوْنِهِ إخْبَارًا عَمَّنْ اتَّهَمَهُمْ مِنْ الْكُفَّارِ، وَشَدَّدَ فِي تَصْفِيدِهِ وَإِطَالَةِ سَجْنِهِ، ثُمَّ اسْتَحْلَفَهُ عَلَى تَكْذِيبِ مَا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ. عِيَاضٌ اخْتَلَفَ شُيُوخُنَا فِي ذَلِكَ فَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ جَعْفَرٍ يُقْتَلُ لِبَشَاعَةِ لَفْظِهِ.
(أَوْ) قُتِلَ مَنْ (قَالَ) جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لَهُ نَقَصْتنِي (جَمِيعُ الْبَشَرِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ النَّاسِ (يَلْحَقُهُمْ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (النَّقْصُ حَتَّى النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) مِنْ اللَّهِ الْمَلِكِ الْعَلَّامِ وَعَدَمُهُ (قَوْلَانِ) فَقَدْ أَفْتَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِطَالَةِ سَجْنِهِ وَإِيجَاعِ أَدَبِهِ، إذْ لَمْ يَقْصِدْ السَّبَّ، وَأَفْتَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِقَتْلِهِ. عِيَاضٌ اسْتَفْتَى بَعْضُ فُقَهَاءِ الْأَنْدَلُسِ شَيْخَنَا أَبَا مُحَمَّدِ بْنَ مَنْصُورٍ فِيمَنْ تَنَقَّصَهُ آخَرُ بِشَيْءٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute